الركراكي… فنانة من الزمن الجميل

تعيش الفنانة فاطمة الركراكي اليوم وضعية صعبة، بعد سنوات طويلة أبدعت فيها العديد من الأدوار وقدمت لأجيال من المغاربة، منذ سنوات الخمسينات، مساحات من الفرجة الحقيقية والمتعة الفنية، سواء على مستوى التلفزيون أو المسرح والسينما أو حتى الإذاعة.

وكغيرها من العديد من الفنانات والفنانين من أبناء جيلها ومن طينتها، مارست الركراكي الفن عن حب، بعيدا عن هاجس المادة والشهرة، فمنحته كل ما لديها، لكنه قابل عطائها بالنكران والجحود بعد أن كبرت في السن ونخر المرض عظامها ولم تعد مطلوبة لدى مخرجي آخر الزمان، الذين يفضلون اللجوء إلى خدمات “مؤثرات” مواقع “إنستغرام” و”سنابشات”، رغم افتقادهن الموهبة، بدل الاستعانة بالمواهب الحقيقية.

لعبت لالة فاطمة أول أدوارها مع العالمي حميدو بنمسعود. كان ذلك في فيلم شمس”، قبل أن تتوالى الأدوار بعدها في أفلام “السراب” و”أمواج البر” و”شمس الربيع” و”يما” و”وداعا أمهات” و”جوق العميين”، لكن انتشارها وشعبيتها الكبيرة جاءت من بوابة التلفزيون، حين عشقها الجمهور المغربي في مسلسلات “من دار لدار” و”أرض الضوء”… أما المسرح، أب الفنون، فدخلته من بابه الواسع، بعد التحاقها بفرقة “المعمورة” الشهيرة ووقوفها إلى جانب عمالقة التشخيص، مثل الطيب الصديقي وأحمد الطيب لعلج  ومحمد سعيد عفيفي…  

ابنة الرباط، حيث رأت النور ذات 15 فبراير 1941، تحدت نظرة المجتمع والأعراف والتقاليد السائدة حينها، والتي كانت تنظر إلى الفن نظرة دونية، وولجت باب التمثيل من أوسع أبوابه، لتكون واحدة من الممثلات النادرات اللواتي كانت لهن الجرأة في اقتحام هذا العالم، واللواتي كن محسوبات على رؤوس الأصابع، من بينهن أمينة رشيد والراحلتان خديجة جمال وحبيبة المذكوري.

اليوم، تعيش فاطمة الركراكي على ذكرى أيام المجد والتألق، منعزلة في بيت متواضع، تعاني العزلة والمرض، بدون “حنين ولا رحيم”، تنتظر من يشفق لحالها ويقدم لها يد الدعم والمساعدة، بعد أن أضعفها المرض وانطفأ نور عينيها، إلى الأبد.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*