اعتابو… ديفا الأغنية الشعبية

ليست نجاة اعتابو مجرد فنانة شعبية محبوبة لدى جمهور عريض من المغاربة.  إنها “ديفا” الأغنية الشعبية وأيقونتها، التي لم يستطع، إلى اليوم، فنان أن يضاهيها جماهيرية وحبا في قلوب الناس. ليس فقط لأنها صوت قوي نابع من قلب جبال الخميسات ويشبه طبيعتها العذراء، بل لأن وراءها قصة نجاح تليق بمسلسل درامي أو شريط سينمائي.

ولدت اعتابو لعائلة فقيرة مكونة من العديد من الإخوة. كان الغناء يستهويها منذ صغر سنها، لكنها لم تكن تجرؤ على التعبير عن رغبتها في وسط محافظ يعتبر الفن والغناء قلة أدب وخروجا عن التقاليد وانحلالا. لكنها، كلما سنحت لها الفرصة من أجل الشدو بصوتها الجبار في عرس أو تجمع أو حفل مدرسي، كانت تفعل، بكل نشوة، قبل أن يتم تسجيل صوتها في إحدى المناسبات، ويخرج الشريط إلى الأسواق في غفلة منها، لتقرر الهرب من منزل العائلة بعد أن هددها إخوتها بالقتل حين تعرفوا إلى هوية صاحبة الصوت.

ستهاجر اعتابو قريتها الصغيرة نحو مدينة الدار البيضاء الكبرى، حيث ستبدأ أطوار مغامرتها الفنية التي نتج عنها ميلاد فنانة شعبية من العيار الثقيل، يقام لها ويقعد اليوم.

اختارت اعتابو أن تخاطب الجمهور المغربي، الذي كان معتادا آنذاك على الأغاني المغربية الطربية الكلاسيكية، بلهجة عامية بسيطة تشبهه. ونجحت في التأسيس لأسلوب غنائي خاص بها وحدها، ومختلف تماما عن السائد، خاصة في مجال الأغنية الشعبية.

كانت البدايات برائعة “جوني مار”، إذ باعت من الألبوم حينها 500 ألف نسخة، وهو رقم قياسي في تلك الفترة من سنوات الثمانينات، قبل أن تتوالى النجاحات بأغان مثل “شوفي غيرو” و”دموعي تابعاك” و”صبارة يا مي” “هادي كذبة باينة”… بوأتها مكان الصدارة بين الفنانات المغربيات وأدخلتها قلوب الملايين من الجمهور الذي لقبها ب”لبؤة الأطلس”.

ولأنها أمازيغية حرة، كانت المرأة وحقوقها حاضرة جدا في جل أغانيها. صحيح أنها كانت مغلفة بغلاف “العامية” والكلام الدارج الخفيف، لكنها محملة برسائل قوية تبلغها نجاة إلى جمهور بسيط و”على قد الحال”، في رحلة نضال نسوي فني على إيقاع شعبي يحرك “الساكن” والوجدان.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*