نعيمة سميح … مدلّلة الحسن الثاني

للفنانة الكبيرة نعيمة سميح مكانة خاصة في قلوب الجمهور المغربي، الذي تربعت على عرش قلبه منذ سنوات، بفضل جمال صوتها وبحته المتميزة ونوعية أغانيها التي تقطر شجنا وحزنا، إضافة إلى كونها تتحدر من عائلة بسيطة متواضعة من حي درب السلطان الشعبي والشهير بالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء.

يعتبرها الموسيقيون أيقونة الأغنية المغربية وعميدتها التي أوصلتها خارج حدود الوطن، دون أن تضطر إلى هجرة بلدها. فمن في العالم العربي، من المحيط إلى الخليج، لا يعرف رائعتها “ياك آ جرحي” ويدندنها ويصدح بها في سهراته وأمسياته.

دخلت نعيمة سميح، التي رأت النور، بداية الخمسينات، عالم الفن في فترة لم يكن مسموحا فيها لغير الرجال باقتحام قلعته. واستطاعت، بفضل مثابرتها وموهبتها وإصرارها على النجاح، أن تصنع لنفسها اسما وشهرة في الساحة الفنية، مثلما لم يفعل أي فنان آخر في بداية السبعينات، زادها في رحلتها الصعبة والطويلة، صوتها القوي وموهبتها الفطرية التي لم تصقلها بأي تكوين أو دراسة موسيقية.

تغنت نعيمة سميح بمجموعة من الروائع التي أغنت ريبرتوار الأغنية المغربية وخزانتها، مثل “على غفلة وما قريت حسابو” و”غاب عليا الهلال” و”شكون يعمر هاد الدار” و”البحارة”، كما تغنت بحب الوطن من خلال رائعة “رحلة النصر” التي أدتها إلى جانب الموسيقار عبد الوهاب الدكالي، إضافة إلى أغنيتها “جاري يا جاري” التي كانت كلماتها موجهة إلى الجزائر الشقيقة في عز الصراع بينها وبين المغرب.

كانت نعيمة سميح تحظى بمكانة خاصة لدى الملك الراحل الحسن الثاني لم يبلغها أي فنان مغربي آخر. لقد كان يعشق صوتها ويعاملها باحترام وكياسة عالية، كما كان يدلّلها ويتغاضى عن بعض هفواتها، ولم يكن يتردد في إرسال رجاله ليأتوا بها من منزلها إلى القصر، دون موعد مسبق، لتؤنس ليله وسهرته.

كل من عرف نعيمة، لمس عن قرب روحها الطيبة وتواضعها وبساطتها. فهي رغم شهرتها ومكانتها وكل ما بلغته من مجد، ظلت وفية لأصولها وظلت ابنة حي بوشنتوف الشعبي، وهو ما زاد حب الجمهور والمغاربة لها.

توارت نعيمة سميح عن الأضواء منذ سنوات. واعتلت صحتها بسبب المرض واعتزلت الناس في منزلها بابن سليمان، حيث ابنها شمس وبعض المقربين منها من العائلة والأصدقاء. 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*