لخماري… عاشق “كازا”

ولد نور الدين لخماري بمدينة آسفي، لكنه عاشق كبير لمدينة الدار البيضاء التي كان يزورها  في طفولته رفقة والدته، وظلت ذكرياته فيها راسخة في قلبه ووجدانه بشكل أثر بشكل كبير على مساره كمخرج سينمائي.

عاش لخماري سنوات طويلة في النرويج. درس فيها وتزوج من أهلها وأنجب وتطبع بعاداتها. لكن “كازا” ظلت تحاصره في أحلامه إلى أن عاد إليها واستقر فيها واستوحى منها قصصا لأنجح أفلامه.

برزت موهبة لخماري في الإخراج للنقاد والصحافيين المتتبعين منذ أفلامه القصيرة الأولى، خاصة فيلمه “بائع الجرائد”، وفيلم “ذو سايلنت ستراغل”، الذي حصل بفضله على جائزة أفضل فيلم قصير نرويجي في 1993، قبل أن يوقع على “نظرة”، أول أفلامه الطويلة، الذي اختار ابن آسفي أن يصوره في مدينته ويتحدث فيه عن مغرب الاستعمار ب”نظرة”  لا تخلو من عمق وثقل. لكن الفيلم، رغم توفره على جميع مقومات العمل السينمائي الجيد، لم يعرف النجاح المتوقع، مما جعل مخرجه يعيد النظر في نوعية السينما التي يبدعها ويغير توجهه السينمائي تماما، بعد أن أصبح تركيزه وهاجسه الأكبر إقبال الجماهير على شباك التذاكر وقاعات العرض.

وكان فيلم “كازا نيغرا” في 2008 أول أعمال نور الدين لخماري التي شكلت فارقا في مساره السينمائي وغيرته ب180 درجة وحولته من مخرج رزين إلى آخر مثير للجدل. عرف الفيلم نجاحا منقطع النظير، لاختلافه عن نوع السينما التي كانت سائدة حينها، سواء على مستوى التصوير والإخراج أو على مستوى “الكاستينغ” أو الحوار الذي كان فجا مباشرا يمتح من لغة الشارع البيضاوي بدون ماكياج ولا “زواق”، وحصد من خلاله الكثير من الجوائز القيمة في مهرجانات وطنية ودولية كبرى، قبل أن تتوالى تلاثية أفلامه حول مدينته المفضلة من خلال “زيرو” ثم فيلمه الأخير “بورن آوت”، وهي الأفلام التي انشغل فيها لخماري بالعمق الإنساني لشخصياته.

عرف عن لخماري إدارته الجيدة للممثلين، سواء الجدد الذين يفضل اكتشافهم بنفسه و”تربيتهم” على يده، أو الكبار والمخضرمين الذين يسند إليهم أدوارا غير مسبوقة، شكلت بصمة في تاريخهم ورسخت اسمهم في ذاكرة الجمهور، مثلما صنع مع الراحلين حسن الصقلي ومحمد بنبراهيم.    

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*