عبد الهادي بلخياط… “جبل” الأغنية المغربية

إذا كان للمصريين أهراماتهم الفنية، فعبد الهادي بلخياط جبل من جبال الأطلس المغربية، وواحد من كبار الفنانين الذين صنعوا تاريخ الأغنية المغربية ب”ريبيرتوار” غني ومتميز، ما يزال الصغير قبل الكبير، يردده إلى الآن. فمن منا لا يطرب لسماع رائعته “قطار الحياة” ولا يعشق إيقاع وكلمات “يا بنت الناس”، التي سبقت عصرها، ومن منا لا يعرف “القمر الأحمر” و”في قلبي جرح قديم” أو “كيندير يا سيدي” أو “هدى لي صورتو” أو “ما تاقشي بيا” أو “محبوبي” أو “يا داك الإنسان” أو “المنفرجة” أو غيرها من الروائع.

يتحدر عبد الهادي بلخياط من العاصمة العلمية فاس، حيث رأى النور، لكنه “بيضاوي” الهوى، بعد أن هاجر إلى العاصمة الاقتصادية باكرا بسبب ظروف اقتصادية للعائلة، ثم غادرها إلى الرباط حيث اشتغل مدة قبل أن يعود إليها حاملا عشقه للفن والغناء، ويقصد إذاعتها حيث سجل أولى أغانيه التي عرفت نجاحا في بداية الستينات، قبل أن تتوالى النجاحات الأخرى بعد ذلك، خاصة أنه تعامل في مع عمالقة الكتابة والتلحين والتأليف الموسيقي مثل أحمد الطيب العلج وعبد الرفيع جواهري وعبد النبي الجيراري وعبد السلام عامر وعبد الرحيم السقاط وعلي الحداني وعبد القادر وهبي.

هاجر عبد الهادي بلخياط إلى القاهرة حيث لمع نجمه هناك، بعد أن أصبح مشهورا في المغرب العربي. درس أصول الغناء بالمعهد الموسيقي للعاصمة المصرية، لكنه، قرر، بعد سنوات، العودة إلى بلده، بعد أن رفض أن يغني بغير لهجته المغربية.

كانت لبلخياط مشاركات في السينما أيضا، من خلال أفلام “سكوت… اتجاه ممنوع” و”دنيا غرامي” الذي صوره في لبنان، إضافة إلى “أين تخبؤون الشمس؟” الذي لعب بطولته إلى جانب زميله وابن بلده الموسيقار عبد الوهاب الدكالي. 

بعد سنوات من التألق والشهرة والمجد، قرر عبد الهادي بلخياط اعتزال الفن، بعد تأثره ببعض التيارات الدينية السلفية، لكنه سيعود إليه بقرار شخصي من الملك الراحل الحسن الثاني. لكن، وبعد سنوات من وفاته، قرر بلخياط الانسحاب من الساحة الفنية مرة أخرى، والاكتفاء بأداء الأغاني والأناشيد الدينية، بعد أن وجد نفسه في رحاب الدعوة إلى الله، بعد سنوات طويلة قضاها في خدمة الفن والطرب المغربي الأصيل.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*