الحاجة الحمداوية… أيقونة “الشيخات”

 الحاجة الحمداوية ليست “شيخة” مثل باقي “الشيخات”، فهي ترفض أن تعتزل وتصر على أن تحمل “بنديرها” وتصدح بصوتها كلما أتيحت لها الفرصة لذلك، فهي عاشقة لفنها وتريد أن تبرهن على ذلك العشق، إلى آخر رمق في حياتها.

هي مختلفة أيضا لأنها أتت ب”ستيلها” الخاص وكانت سابقة لعصرها، حين قررت أن تؤدي الأغنية الشعبية الخفيفة، وابتعدت عن أداء “العيوط” الطويلة، مثلما اعتادت على ذلك “عياطات” عصرها، بل اكتفت منها بما قل ودل وراهنت على الرقص و”الحيحة” و”النشاط”، ونجحت بشكل بارع في ذلك، زمن الخمسينات والستينات والسبعينات، حين كان للغناء والطرب قواعده وأصوله. تميزت الحاجة الحمداوية بجرأة غير معهودة في فنانات عصرها، إلى درجة أن كلمات بعض أغانيها لم تكن تخلو من إيحاءات إيروتيكية، لكن، رغم ذلك، اكتسبت قاعدة جماهيرية كبيرة، وما زالت أعمالها، إلى اليوم، يرددها الصغير قبل الكبير، من بينها “الكاس حلو” التي غنتها على شكل “ديو” رفقة حميد بوشناق ولاقت نجاحا وانتشارا كبيرين، أو “هزو بينا لعلام” التي تردد في جميع المناسبات والأفراح وأماكن السهر، و”منين أنا ومنين نتا” و”دابا يجي يا الكبيدة”….

ولدت الحاجة سنة 1930 بحي درب السلطان الشهير بالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، وبدأت مسارها الفني من الكباريهات والمطاعم، كان أشهرها كباري “كوك دور” بالمدينة القديمة، والذي كان يملكه الفنان اليهودي الجزائري سليم الهلالي، والذي تخرج منه كبار الفنانين المغاربة، قبل أن تصبح مطلوبة لدى كبار العائلات البيضاوية ثم نجمة الإذاعة والتلفزيون. مرت الحاجة من ظروف صعبة، رغم أنها عرفت المجد والثروة والجاه. ظروف فقدت فيها كل ما تملكه، وأصبحت لا تجد مسكنا يأويها أو ما تشتري به دوائها، قبل أن يتدخل ملك المغرب شخصيا ويوليها عنايته الخاصة، لتستمر في درب الغناء والموسيقى، حتى بعد أن تجاوزت الثمانين من عمرها، رافضة الاعتزال أو الموت رغم أنف الشائعات التي قتلتها أكثر من مرة.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*