مسيكة… للإثارة اسم وعنوان

قليل جدا من يعرف الآنسة حبيبة مسيكة، الفنانة اليهودية التونسية التي حباها الله صوتا ملائكيا من عيار أصوات أسمهان وليلى مراد، والتي شكلت ظاهرة غنائية ثورية في سنوات العشرينات، بفضل اختياراتها الغنائية الجريئة وتوجهها الفني المثير للجدل، الذي طبعته عناوين من قبيل “على سرير النوم دلعني” و”هونت راسي للسهر والقمرة” وقصيدة “مالي فتنت بلحظك الفتاك” التي سبق أن غنتها كوكب الشرق أم كلثوم، وغيرها من الأغاني التي تتغنى بالسهر والحب والخمر بشكل مباشر، وبدون مواربة أو خجل، مما جعلها واحدة من أهم وأشهر نجوم الليل بتونس.

تتلمذت الآنسة حبيبة، مثلما كانت تقدم في السهرات والأسطوانات التي سجلتها، على يدي الموسيقيين عاشر مزراحي وخميس ترنان. هذا الأخير الذي كان يرافقها كظلها، في العديد من السهرات التي كانت تحييها داخل وخارج تونس، خاصة في ألمانيا حيث دأبت على تسجيل أسطواناتها، بعد أن أمدها بالعديد من ألحان أغنياتها الناجحة والمعروفة. كما تأثرت كثيرا بخالتها التي علمتها عزف “البيانو” في سن صغيرة، حين كانت تعيش مع أسرتها في بلدة تستور، أحد معاقل الطائفة اليهودية بتونس، حيث تربت في كنف عائلة يهودية عاشقة ل”المالوف” والتراث الأندلسي، قبل أن تشد الرحال نحو العاصمة تونس، في سن لم يكن يتجاوز 17 سنة، للالتحاق بفرقة “النجمة” المسرحية، والتي لعبت إلى جانبها العديد من الأدوار التي أبانت فيها عن موهبة كبيرة في التمثيل والرقص أيضا، لتكون بذلك أول امرأة في الوطن العربي تعتلي خشبة مسرح ابتداء من سنة 1911.

كان حظ حبيبة، واسمها الحقيقي مارغريت، من التعليم يسيرا. لكنها ثقفت وعلمت نفسها بنفسها وكانت تكتب حواراتها وأدوارها بالحرف اللاتيني وتؤديها باللغتين العربية والفرنسية، مما أكسبها شهرة في العديد من البلدان العربية التي بدأت تدعوها لإحياء الحفلات، مما مكنها من التعرف على العديد من  رموز الغناء العربي، ومنهم الفنان العراقي محمد القبانجي، الذي سبق أن أدت إلى جانبه أغنيته المشهورة “طالعة من بيت أبوها”، وكاد يجمعها به أكثر من مشروع غنائي قبل أن يؤجل موت مسيكة ذلك إلى الأبد.

رحلت في سن لم تكن تتجاوز 34 سنة، في حادث مأساوي بعد أن أحرقها عشيقها اليهودي الثري إيلياهو ميموني، لأنها أرادت أن تضع حدا لعلاقتها معه، وتخرجه من جنة عشقها. 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*