سليم الهلالي… الجزائري عاشق المغرب

رغم أن أصوله من الجزائر، إلا أن حب وعشق سليم الهلالي للمغرب تجاوز كل الحدود، هو الذي كان الملك الراحل الحسن الثاني يكن لصوته وفنه احتراما كبيرا، وكان حريصا على أن يكون حاضرا في جميع أعراس بناته وحفلات القصر، مثلما كان يحب أن يسمع منه أغنية “ما إيديش ماما”، بالذات التي كانت تؤثر في مشاعره كثيرا.

جمع سليم الهلالي، الذي كان معروفا أيضا بإتقانه العزف على “الدربوكة”، بين ألوان مختلفة من الموسيقى من الشعبي إلى”المالوف” والغرناطي. وكان يغني بالعديد من اللغات واللهجات، موظفا صوته الجهوري القوي، الذي لم يكن يضاهيه صوت في العالم العربي كله، إلى درجة أن كوكب الشرق أم كلثوم سحرت به حين استمعت إليه ذات حفلة في لندن، وقالت عنه “إيه الصوت العظمة ده”، مثلما سبق أن أكد الهلالي نفسه، في حوار مع إذاعة إسرائيلية.

كان سليم الهلالي نجم حفلات بامتياز. كما كان عاشقا لليل والسهر منذ مقامه في فرنسا، التي وصل إليها في الأربعينات وعمره لم يكن يتجاوز 14 سنة، هاربا على متن سفينة لنقل الأغنام، بعد أن ضاق به العيش في مدينته عنابة الجزائرية التي رأى فيها النور في 1920 من عائلة يهودية تتحدر من قبائل الشاوية.

استقر الهلالي في المغرب، وبمدينة الدار البيضاء تحديدا، بعد سنوات قضاها في فرنسا عرف فيها الشهرة والنجومية وكون ثروة مهمة سمحت له بافتتاح ملهى “لو كوك دو” (الديك الذهبي) الليلي بقلب المدينة القديمة، سرت بذكره الركبان، خاصة أنه كان مقصد العائلات البيضاوية الكبيرة والشخصيات المهمة، واستضاف فيه صاحبه كبار النجوم المغاربة والعرب. وهو الملهى نفسه الذي تخرج منه العديد من الفنانين المغاربة، وعلى رأسهم الحاجة الحمداوية والمطربة لطيفة أمل وعازف العود الشهير عمر الطنطاوي والمعطي بلقاسم…

كاد سليم الهلالي يقتل من طرف نظام فيشي الموالي للنازية والمعادي لليهود حين كان مقيما في فرنسا، حيث وجد نفسه مطاردا في الشوارع قبل أن يلوذ بمسجد باريس، حيث طلب الحماية من إمامه قدور بن غبريط، الذي أنقذ حياته، حين ادعى أنه مسلم. 

توفي سليم الهلالي في 2005 بدار للعجزة بمدينة كان الفرنسية، حيث عاش وحيدا ومعتزلا عن الأضواء، بعد أن خلف إرثا موسيقيا مكونا من مجموعة من الأغاني عرفت واشتهرت بصوته، ومنها “محني الزين” و”دور بيها يا الشيباني” و”ليام” و”سيدي حبيبي” و”عشقت طفلة أندلسية” و”يا ناس هجرت وسفرت البرور” و”طاح تخبل” …

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*