حاييم بوطبول… أسطورة حية

نشأ حاييم بوطبول في وسط فني بامتياز تشرب بفضله أصول الفن باكرا من عند والده الشيخ  جاكوب أبيتبول (الاسم العائلي الحقيقي)، الذي كان رائدا من رواد فن الملحون في فاس. 

أسس حاييم بوطبول (التي تعني بالدارجة أبو طبل) أول فرقة موسيقية له وعمره لا يتجاوز 16 سنة. أبدع في جميع أنواع الموسيقى والغناء من العيطة والشعبي إلى الغرناطي والراي. يجيد العزف على العديد من الآلات الموسيقية، وعلى رأسها العود و”البندير”، كما أنه يكتب كلمات أغانيه ويلحنها. 

كون حاييم، الذي رأى النور في العاصمة العلمية في 1937، إلى جانب والده وأخويه مارسيل، عازف الكمان، وكلود، عازف الإيقاع، فرقة متكاملة قدمت العديد من الأعمال الفنية التراثية والقصائد الرائعة، قبل أن ينفصل عنهم في 1950، وينضم إلى الفنان سليم الهلالي، اليهودي الجزائري عاشق المغرب، ويشكل معه ثنائيا مستقلا ويعيدا تقديم العديد من الأغاني المغاربية الخالدة. وهي الفترة نفسها التي انفتح فيها على أنماط وتيارات موسيقية مختلفة مثل الصالصا والريغي والفانك وكناوة. 

في ريبيرتوار حاييم بوتبول العديد من الأغاني التي كرسته رائدا من رواد الفن الشعبي المغربي اليهودي، من بينها “جايا طوموبيل” و”سالبة سالبة” و”آش جا يدير” و”الحبيب اللي والفتو” و”لسمر” و”تحت الياسمينة” و”أنا ولية” وغيرها… 

يعتبر حاييم بوطبول مدرسة فنية قائمة الذات، تكون فيها العديد من الفنانين والموسيقيين المغاربة الذين مد إليهم يد العون والمساعدة ومنحهم بركته، من بينهم الموسيقار عبد الوهاب الدكالي والفنان فتح الله المغاري وبينحاس وغيرهم… 

وإلى جانب الإذاعة والتلفزيون، كان حاييم بوطبول نجم الأعراس والمناسبات المغربية كما كان مطلوبا في أشهر الكباريهات والملاهي الليلية بالعاصمة الاقتصادية، والتي كانت ترتادها نخبة العائلات البيضاوية، بدءا ب”سجلماسة” و”لومباسي”، وصولا إلى “الريصاني” و”رياض السلام”، إضافة إلى أنه كان من الفنانين المفضلين لدى الملك الراحل الحسن الثاني، الذي كان يدعوه دائما إلى الحفلات التي كان يحييها في قصوره.

كان حاييم بوطبول، الذي ما يزال رافضا التقاعد عن الفن والغناء إلى اليوم، رغم أن عمره تجاوز الثمانين، أول فنان مغربي يستعمل القيثار الكهربائي وأول مغن يرتدي البدلة،  كما كان أول فنان رجل يحمل البندير، الذي كان حينها حكرا فقط على النساء. لقد كان الرجل مدرسة في الفن والموسيقى لكنه كان أيضا نموذجا للفنان الأنيق والراقي، صاحب الذوق الرفيع.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*