كنيسة القلب المقدس… عنوان التسامح الديني المغربي

تعتبر كنيسة القلب المقدس، المعروفة بكاتدرائية الدار البيضاء، عنوانا للتسامح الديني المغربي في بلد إسلامي. وهي أولا وقبل كل شيء، رمز أثري معماري رائع يزين العاصمة الاقتصادية للمملكة، ويقف شاهدا على تاريخها وجماليتها.

بدأ تأسيس الكنيسة في سنوات الثلاثينات، في عهد الماريشال ليوطي، المقيم العام الفرنسي بالمغرب آنذاك، وصممها المهندس المعماري الفرنسي بول تورنان، لتكون فضاء للتعبد بالنسبة إلى المسيحيين الذين كانوا يقيمون بالمغرب خلال فترة الحماية الفرنسية، ولتصبح اليوم واحدة من أبرز الكنائس الأثرية وأجملها بعد الاستقلال، تستضيف العديد من المعارض والتظاهرات الفنية والثقافية.

استمر العمل في بناء الكنيسة، الممتدة على مساحة تناهز هكتارا، مدة قاربت 25 سنة، نظرا إلى حرص مصممها على أن تكون تحفة معمارية تنافس مثيلاتها في العديد من بلدان العالم، من خلال توظيفه لأساليب معمارية مختلفة مثل “القوطي” و”الآرت ديكو” والهندسة العربية الأندلسية، الواضحة جليا في أقواسها وفسيفسائها الخارجية وألوانها والمزج في بنائها بين الإسمنت والحجر.

وتعتبر كنيسة القلب المقدس، التي عمرت لمدة تقارب قرنا من الزمن، واحدة من المعالم السياحية التي تميز مدينة الدار البيضاء. وقد حافظت، حتى بعد جلاء المستعمر وتوقف العمل بها في 1956، على شموخها وهيبتها، لتصبح مزارا لكل الراغبين في التعرف على تاريخها الثقافي العريق، وتكون دليلا وشاهدا على احترام المغاربة للدين المسيحي.

تعرف الكنيسة حاليا عملية ترميم شاملة من طرف فريق متخصص، تحت إشراف شركة التنمية المحلية “الدار البيضاء للتراث”، بمساهمة وزارة الثقافة ومجلس مدينة الدار البيضاء، ومن المنتظر أن يتم فتح ممر للراجلين انطلاقا من زنقة الجزائر وصولا إلى الحديقة المجاورة للكنيسة، يستطيع من خلاله المارة التمتع بخلفية الكنيسة، حيث يوجد تمثال زجاجي يجسد صورة المسيح عليه السلام، عبارة عن تحفة معمارية حقيقية.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*