الكتبية… الأثر العمراني التاريخي الشامخ

يعتبر جامع الكتبية واحدا من المعالم الإسلامية الراسخة في تاريخ المغرب، وأثرا عمرانيا استثنائيا شامخا بمدينة مراكش، ظل محافظا على أصالته منذ القرن 12 الميلادي إلى اليوم. 

بني المسجد الأول للكتبية أو الحصن الحجري الأصلي سنة  1070 من طرف المرابطين، قبل أن يدمره الموحدون الذين أرادوا إخفاء أي أثر ديني أو حضاري لدولة المرابطين التي كانت قبلهم، واتخذت من المدينة الحمراء عاصمة لها. بني الجامع في عهد الخليفة الموحدي عبد المؤمن، سنة 1147، الذي كلف مهندسا من الأندلس بمهمة تصميمه.  أما الصومعة، فبنيت في نفس توقيت تشييد صومعة حسان بالرباط والخيرالدا بإشبيلية. وصممت وفق فن العمارة الأندلسية مع إضافة الزخرفة الإسلامية، لتشكل تحفة معمارية فريدة من نوعها، كتبت عنها عدة شخصيات تاريخية قامت بزيارتها، منها الرحالة ابن بطوطة، الذي قال عنها “لا يوجد مثيل لها في العالم الإسلامي”.

يضم المسجد، الذي يمتد على مساحة 5300 متر مربع، قاعة للصلاة و17 جناحا و11 قبة منقوشة، إضافة إلى الأعمدة والأقواس، وهو مشيد من الطوب والحجر الرملي، واستعمل في بناء صومعته الخزف والفيروز. أما منبره، فيعتبر من روائع فن النجارة الإسلامية، إذ صنع في قرطبة بالأندلس، وهو مزود بنظام آلي للحركة وقطعه قابلة للتفكيك، ومصنوع من العود والصندل الأحمر وصفائح من الذهب والفضة. 

استوحى مسجد الكتبية، الذي يقع بالقرب من ساحة جامع لفنا الشهيرة بمراكش، اسمه من الساحة التي كانت قربه، والتي كان يتجمع فيها باعة الكتب والخطاطون، وشهد صدور العديد من “الفرمانات” والقرارات السلطانية، كما كان مسرحا للعديد من الأحداث التاريخية الكبرى، وفيه جرت البيعة للعديد من ملوك وحكام المغرب.  

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*