كان الفنان الراحل ابراهيم العلمي صاحب مدرسة فنية مختلفة. عشق الفولكلور ووظف إيقاعاته في العديد من أغانيه التي كانت متأثرة بالغناء الشرقي الطربي، فجاء بأسلوب فريد لا يشبه غيره من فناني عصره.
يعتبر ابراهيم العلمي أيضا واحدا من مؤسسي الأغنية العصرية المغربية ورائدا من روادها، إلى جانب اسماعيل أحمد وافويتح والمعطي بلقاسم والموسيقار ابراهيم الراشدي.
ولد في الثلاثينات بالمدينة القديمة للدار البيضاء، قبل أن تنتقل أسرته إلى درب السلطان، حيث شب وترعرع. ورغم أنه بدأ مساره المهني في التدريس، إلا أن شغف الغناء والموسيقى جلبه إلى عالم الفن، فترك التعليم وآثر عليه العزف على الناي ثم على العود في ما بعد.
بدأ عازفا في فرقة بيضاوية كان يسيرها في أربعينيات القرن الماضي الحاج محمد زنيبر قبل أن يلتحق بالإذاعة بعد ذلك، إلى أن أصبح قائدا لجوقها سنة 1967.
كان الراحل فنانا شاملا، فإضافة إلى موهبته في الغناء والعزف، كان يكتب أيضا كلمات أغانيه ويلحنها، أشهرها أغنيته الشهيرة “يا الناسي” التي أعاد غناءها العديد من المطربين عبر السنوات بتوزيعات مختلفة، وظلت خالدة إلى يومنا هذا.
بدأ العلمي، الذي يتحدر من عائلة من “الشرفا” من جبل علام حيث يرقد الولي الصالح عبد السلام بن مشيش، مساره الفني بأداء أغاني السيدة أم كلثوم وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، قبل أن ينتج أغانيه الخاصة بتشجيع من شقيقه الأكبر الفنان والعازف محمد عزيز العلمي، الذي كان يشتغل مع الفنان الجزائري سليم الهلالي، عاشق المغرب، داخل الكباري الشهير والأسطوري الذي كان يملكه في الدار البيضاء “لوكوك دور” (الديك الذهبي).
وإلى جانب شقيقه، الذي كان عاشقا للموسيقى الأندلسية، تشبع ابراهيم العلمي بحب الفن من جده الذي كان يعشق الفن والفنانين ومحبا للملحون.
اعتزل السي ابراهيم العلمي مجال الغناء والفن في الثمانينات. وغادرنا إلى دار البقاء في الألفين، تاركا نخبة من أجمل الأعمال الفنية التي صنعت مجد الأغنية المغربية، نذكر منها “ما حلى إفران” و”دوب يا قلبي دوب” و”خليني بعيد” و”يا اللي صورتك بين عينيا” و”يا الساخي بيا” و”الله يسامحك” و”يا البيضا” و”الليل وانا سهران”، التي تغنت بها أجيال من الفنانين، ولا يزال الجمهور، إلى اليوم، يطرب لسماعها.
قم بكتابة اول تعليق