رزئ الجسم الصحافي بالمغرب، السبت الماضي، 28 دجنبر 2019، بوفاة مصطفى العلوي، قيدوم الصحافيين المغاربة وعميدهم، وكاتب أشهر عمود صحافي “الحقيقة الضائعة”، الذي كان الراحل ينشره بوتيرة أسبوعية، على صفحات جريدته “الأسبوع الصحافي”، وتتهافت قبيلة الصحافيين على قراءته ومتابعته، للاطلاع على الرؤية التحليلية الرزينة والخبيرة لقلم متمرس جايل ثلاثة ملوك علويين، بدءا من السلطان محمد الخامس والملك الراحل المغفور له الحسن الثاني، وصولا إلى جلالة الملك محمد السادس.
مارس مولاي مصطفى، مثلما يحب أن يناديه المقربون منه وأصدقاؤه، صاحبة الجلالة، منذ فجر الاستقلال، وكان أول صحافي مغربي يحصل على منحة فرنسية من أجل الحصول على تكوين في مجال الصحافة، فسافر إلى باريس وحصل على تدريب في كبريات الصحف الفرنسية مثل “فرانس سوار” و”لوموند” و”لوفيغارو”، قبل أن يعود إلى المغرب ليؤسس مجلته “مشاهد”، التي كانت تصدر كل أسبوع، وكانت أول أسبوعية ملونة.
قبل ذلك، كان مصطفى العلوي، شغوفا بمهنة المتاعب، التي كانت ممارستها بالنسبة إليه، متعة لا تضاهيها أي متعة. كان يرسل في بداياته المقالات إلى العديد من الصحف الوطنية، رغم أنه كان يشتغل إطارا في وزارة التربية الوطنية وكان تكوينه في مجال الإدارة، بعيدا عن الصحافة والإعلام.
كان العلوي مدرسة قائمة بحد ذاتها في الصحافة. كان ينتصر لأخبار الكواليس السياسية التي يحبها القارئ، ويركز على السبق و”السكوب” الذي كان حاضرا بقوة في جميع جرائده، إضافة إلى التحليل المنطقي الرصين، بعيدا عن الإبداعات اللغوية واستعراض المهارات الأدبية، بل كان أسلوبه في الكتابة جافا ومباشرا، لكنه يضرب في الصميم، ويسجل صاحبه من خلاله مواقف جريئة طالما جرت عليه الكثير من المتاعب والتضييق والاعتقالات.
كان مولاي مصطفى يحظى باحترام الملك الراحل الحسن الثاني وتقديره، وقد روى عنه في كتاباته العديد من الطرائف التي جمعت بينهما في مواقف متعددة، سواء في الندوات الصحافية التي كان ينظمها الملك الراحل، أو خلال لقاءات عابرة. وهي الطرائف والمواقف التي يمكن أن يطلع على تفاصيلها القارئ لكتابه “مذكرات صحافي وثلاثة ملوك”، الصادر سنة 2011، أو كتاب “الحسن الثاني، الملك المظلوم”.
كان مصطفى العلوي، الذي ولد بمدينة فاس سنة 1936، وتابع دراسته في العاصمة الرباط، من أوائل المؤسسين لنقابة الصحافيين المغاربة سنة 1963، كما سبق وأن أسس العديد من الجرائد المغربية، من بينها “أخبار الدنيا”و”دنيا الأخبار” و”الدنيا بخير” و”أطياف” و”الكروان” و”الكواليس” وصولا إلى ” الأسبوع”، التي ظل وفيا لكتابة عموده في صفحتها الأخيرة، إلى آخر رمق، قبل أن يغادرنا عن عمر يناهز 83 سنة.
قم بكتابة اول تعليق