يعتبر عبد الله كنون واحدا من الرواد المغاربة الذين أرسوا قواعد النهضة الأدبية والثقافية والعلمية في المغرب والعالم العربي منذ سنوات العشرينيات. ورغم أن تعليمه وتكوينه كان مبدئيا في علوم الشريعة والدين، إلا أن الرجل كان منفتحا على مختلف العلوم والكتابات الأجنبية، فاستطاع أن يجمع الأصالة والمعاصرة في جبة واحدة، في عصر كان التشبث فيه بمبدأ السلف الصالح هو الأصل.
ولد عبد الله كنون بمدينة فاس سنة 1908، لكنه هاجر رفقة عائلته إلى طنجة، وعمره لا يتجاوز ست سنوات، وكانت آنذاك مدينة دولية. لم يدخل مدارس ولا جامعات، بل تتلمذ في البيت، على يد والده العلامة الفقيه عبد الصمد كنون، وعلى يد فقهاء وعلماء دين آخرين بمساجد طنجة، لكنه استطاع، بمجهوده الخاص، أن يتعلم اللغتين الإسبانية والفرنسية، خاصة أنه كان نهما للقراءة والاطلاع، لكتاب وأدباء وشعراء كبار من طينة طه حسين وعباس محمود العقاد وإبراهيم المازني.
وصل صيت كنون إلى المشرق، بفضل المقالات الرصينة التي كان ينشرها في صحف ومجلات مغربية ومشرقية مثل “الرسالة” و”الميثاق” ومجلة “لسان الدين” التي كان يترأسها، وبفضل أفكاره الطليعية مقارنة مع عصره، لذلك استطاع أن يتبوأ منصب أمين عام رابطة العلماء المغاربة إضافة إلى عضوية المجامع العلمية جميعها من المغرب إلى المشرق، اعترافا من العلماء والمؤرخين والفقهاء بأنه قامة علمية متفردة.
جمع عبد الله كنون، الذي ينحدر من شرفاء ولاد كنون الإدريسيين من وزان، بين الفقه والكتابة والتأريخ والشعر والصحافة والعمل الأكاديمي والأدب والفكر والسياسة، إضافة إلى النضال في صفوف الحركة الوطنية ضد المستعمر، وكان واحدا من الأسماء المعروفة التي رفضت الاعتراف بابن عرفة، الملك الدمية الذي عينه المستعمر الفرنسي بدل السلطان المنفي محمد الخامس.
كتب كنون العديد من الكتب والمؤلفات التي تدرس بالجامعات وشكلت موضوع أطروحات عديدة، من بينها “موسوعة مشاهير المغرب” و”أدب الفقهاء” و”مدخل إلى تاريخ المغرب” و”العصف والريحان”، إضافة إلى أشهر كتبه “النبوغ” الذي أصدره سنة 1938.
شغل عدة مناصب من بينها مدير المعهد الخليفي وأستاذ بالمعهد العالي بكلية أصول الدين بتطوان ووزير العدل في الحكومة الخليفية بين سنتي 1954 و1956، كما كان محافظا على مدينة طنجة سنة 1957.
حصل على وسام الكفاءة الفكرية الكبرى من الملك الراحل المغفور له الحسن الثاني سنة 1969. وتوفي سنة 1989.
قم بكتابة اول تعليق