عبد الرحيم بوعبيد… الحياة نضال

حلت يوم 8 يناير ذكرى وفاة الزعيم والمناضل المغربي عبد الرحيم بوعبيد، الذي غادر الحياة سنة 1993، مخلفا وراءه تاريخا لا يمكن للأجيال الصاعدة والحالية إلا أن تقف له احتراما وإجلالا. 

ولد بوعبيد سنة 1922 بمدينة سلا، لأسرة فقيرة. التحق بإعدادية مولاي يوسف بالرباط، وهناك كان أول احتكاك له بالعمل الوطني، من خلال مجموعة من زملاءه في الدراسة، الذين التحقوا بالمقاومة السرية، من بينهم المهدي بن بركة، الذي كان يدرس معه في الإعدادية نفسها، لكنه لن يتعرف إليه إلا في حفل أقامه الجنرال نوكي، المقيم العام الفرنسي آنذاك، على شرف التلاميذ المتفوقين. أما الانخراط الفعلي في صفوف الحركة الوطنية فلن يتم إلا في فاس، التي انتقل إليها من أجل أن يشتغل معلما بإحدى مدارسها. 

انضم بوعبيد إلى صفوف حزب الاستقلال، ليصبح بعد العديد من السنوات والمواقف، واحدا من أعتد مناضليه. 

سجن بوعبيد من طرف سلطات الاستعمار الفرنسي غير ما مرة. دائما بسبب قيادته مظاهرات شعبية احتجاجية على السياسة الاستعمارية. 

وكانت محطة باريس، التي انتقل إليها من أجل متابعة دراسته في القانون وفي العلوم السياسية، من أهم المحطات البارزة في مساره السياسي، إذ تعرف خلالها على العديد من الشخصيات الهامة مثل الكاتب الفرنسي ألبير كامو والصحافي والمؤرخ جون لاكوتور، كما نسج خلالها شبكة علاقات واسعة، مكنته أكثر من التعريف بقضية بلاده والدفاع عن استقلالها. 

بعد عودته إلى المغرب، انخرط بوعبيد في هيأة المحامين سنة 1949، ووقف أمام المحاكم مدافعا عن المناضلين وشرفاء الوطن، وظل مواصلا لكفاحه ضد المستعمر، إذ كان أصغر الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال وواحدا من مهندسيها،  كما شارك في مفاوضات “إيكس ليبان” سنة 1955، وظل ينتقد السياسة الاستعمارية بشراسة، في افتتاحياته التي كان يكتبها بأسبوعية “الاستقلال” التي كان يشرف عليها، والتي كان المغاربة والسلطات الاستعمارية حريصون على قراءتها واستيعاب رسائلها ومعانيها، وعلى رأسهم السلطان محمد الخامس. 

كان بوعبيد أول سفير للمغرب في باريس، حيث كان مكلفا بمواصلة المفاوضات من أجل الاستقلال. شغل عدة مسؤوليات ومناصب في حكومات امبارك البكاي وأحمد بلافريج وعبد الله إبراهيم. كان من المؤسسين للاتحاد المغربي للشغل. انتخب سنة 1975 أمينا عاما لحزب الاتحاد الاشتراكي، وأعيد انتخابه لثلاث ولايات متتالية على رأسه. كان من بناة الاقتصاد المغربي ومحرريه، بعد أن طهر الإدارة المغربية من العناصر الأجنبية ودعا إلى تكوين أطر مغربية لشغل مناصبها، كما كان وراء أول خطة خماسية للتنمية عرفها المغرب من 1960 إلى سنة 1964. 

ورغم معارضته للملك الراحل الحسن الثاني ونظامه، إلا أن المغفور له الملك الحسن، كان يكن له الكثير من الاحترام، لذلك لم يكن يتردد في أن يرسله كمبعوث رسمي له إلى العديد من العواصم الوازنة للدفاع عن مغربية الصحراء. 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*