المملكة المغربية… الاستثناء الإسلامي العربي

لم تكن المبادرة الملكية بتدشين “بيت الذاكرة”، بمدينة الصويرة، بحضور حاخامات وشخصيات يهودية هامة، من بينها المستشار الملكي أندري أزولاي، والحاخامان جوزيف إسرائيل ودافيد بينتو، والمنشد ميشال أبيتان والفنان الكوميدي جاد المالح والمديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة أودري أزولاي، لتمر مرور الكرام، في حين أنها زاخرة بالكثير من المعاني السامية والدلالات، على أن المملكة المغربية ظلت، ومنذ قرون، متصالحة مع رافدها العبري الذي تعتبره جزءا لا يتجزأ من موروثها الثقافي والحضاري والروحي، في استثناء عربي إسلامي جميل، لا يوجد له نظير في منطقة المغرب العربي والشرق الأوسط كلها. 

لقد كانت زيارة الملك محمد السادس لهذا الصرح الثقافي والتاريخي، تحمل الكثير من الإشارات للطائفة اليهودية المغربية، على أن بلدها ووطنها المغرب، مصر على حفظ ذاكرتها وتثمينها كما يجب ومنحها القيمة التي تليق بها. وهي إن دلت على شيء، فعلى حرص جلالته على الحفاظ على غنى وثراء المكون اليهودي، حسب ما أكده العديد من الملاحظين والمعلقين، والاستمرار في نهج سياسة أسلافه المنعمين من الملوك العلويين الذين اعتبروا اليهود مواطنين لا يقلون أهمية عن المسلمين، مما جعلهم يعيشون في تسامح وألفة فيما بينهم. إذ لا ينسى اليهود الموقف الشهم للسلطان محمد الخامس حين رفض تسليم اليهود المغاربة إلى حكومة فيشي النازية، رغم أنه كان في موقف ضعف بسبب الاستعمار، معتبرا أنهم أبناؤه مثلهم مثل المسلمين، ولا يمكنه أن يفرط فيهم أبدا. 

أيضا الملك الراحل الحسن الثاني، يكن له اليهود المغاربة حبًا واحتراما كبيرين، فهو لم يتردد في أن يجعل من اليهودي أندري أزولاي مستشارا ملكيا، وهو المنصب الذي لا زال يتقلده في عهد وريث عرشه جلالة الملك محمد السادس، كما دخل العديد من اليهود في عهده البرلمان وتقلدوا مناصب حكومية وحزبية مهمة، كما كان له دور هام في ترتيب عملية السلام في الشرق الأوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وكان يدعو دائما للحوار بين الجانبين، إلى درجة أنه لم يتردد في استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز في المغرب، أمام صدمة الزعماء والرؤساء العرب. 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*