أصيلة… قطب سياحي عريق

تعتبر مدينة أصيلة، أو أزيلا، مثلما ينطقها سكان الشمال، من بين المدن الصغيرة في المغرب، لكن الكبيرة بعراقتها وتاريخها، وهي اليوم واحدة من الأقطاب السياحية الثقافية الهامة في العالم العربي، التي يحج المثقفون كل سنة بالآلاف إلى مهرجانها.

بنيت المدينة، التي تضم حوالي 32 ألف نسمة، (آخر الإحصائيات سنة 2013)، على الطراز المعماري الأندلسي. وقد سكنها الأمازيغ والفينيقيون والقرطاجنيون والرومان قبل آلاف السنين، قبل أن يتم تدميرها أثناء غزو الوندال، حسب ما أكدت العديد من المراجع التاريخية، قبل أن يعيد المرابطون تأسيسها.

خضعت المدينة للاحتلال البرتغالي عقودا طويلة، قبل أن يستردها السلطان أحمد المنصور الذهبي سنة 1589، لتصبح في بداية القرن العشرين، معقلا للقائد والمقاوم أحمد الريسوني الذي بسط نفوذه على العديد من أراضي الشمال قبل أن يطرده الإسبان ويحكموا قبضتهم على المدينة إلى أن حصل المغرب على استقلاله.

عرفت أصيلة بشواطئها الرملية الجميلة مثل “العوينة” و”باراديس” و”كهف الحمام” و”سيدي أحمد الزواق”، كما تتميز بمناخها المتوسطي المعتدل وفضاءاتها السياحية الرائعة، على رأسها المدينة القديمة بأزقتها الضيقة القديمة المتشحة باللونين الأزرق والأبيض وأسوارها التاريخية وأبوابها العتيقة مثل باب القصبة وباب البحر وباب السوق…

وتحتضن المدينة العديد من المآثر التاريخية مثل المسجد الجامع، الذي بني في القرن الثالث الهجري، وبرج القمرة الذي بناه البرتغال أواخر القرن 15 الميلادي وساحة الطيقان وبرج القريقية وقصر الريسوني المطل على المحيط والمشيد وفق العمارة الإسلامية وقصر الخضر غيلان، نسبة إلى أمير أصيلة الذي شيده في القرن 17 الميلادي

عاش اليهود في مدينة أصيلة، إلى جانب المسلمين. وكان عددهم يشكل نسبة 5 في المائة من مجموع السكان، حسب ما ذكر أوجست مولييراس في كتابه “المغرب المجهول: اكتشاف جبالة”. كانوا يتجمعون بحي لالة رحمة (نسبة إلى ولية صالحة شهيرة بالمدينة) مقابل باب الحومر، الذي لا يشبه “الملاحات” التي كانت متواجدة بالعديد من المدن المغربية وتقطنها المجموعات اليهودية المغربية. وهو الحي الذي لا يزال إلى اليوم يحتضن مقبرة يهودية كبيرة، يحج إليها اليهود المغاربة من مختلف بلدان العالم من أجل الترحم على أجدادهم وموتاهم. وقد انتقل اليهود للعيش في المدينة منذ أواسط القرن الخامس عشر فرارا من اضطهاد محاكم التفتيش.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*