موشي مونتفيوري: المغربي الذي دافع عن اليهود في مختلف أنحاء العالم

رأى موشي مونتفيوري النور أثناء رحلة إلى توسكانا بإيطاليا سنة 1784، قامت بها عائلته التي تنتمي إلى اليهود السفارديم، مكونة من الأب جوزيف إلياس والأم راشيل وستة إخوة هو أكبرهم. وهي العائلة التي كانت تعيش بتواضع في أحد أحياء لندن، التي سيصبح موشي “شريفا” عليها. 

غادر موشي الدراسة باكرا لينضم للعمل لدى تاجر جملة لمساعدة الأسرة، قبل أن يتدرج في العديد من أعمال التجارة، ويصبح، في غضون سنوات، واحدا من أكبر السماسرة أو الوسطاء التجاريين اليهود المعتمدين في مدينة لندن، خاصة بعد دخوله في شراكة مع شقيقه أبراهام، الذي كان تاجرا للحرير، ثم مع نسيبه مايير روتشيلد، المنتمي إلى واحدة من أكبر وأشهر العائلات البريطانية. 

تنوعت أعمال وشراكات موشي في العديد من المجالات، من التأمينات إلى البنوك والمصارف، قبل أن يتم انتخابه “شريفا” على لندن سنة 1835، ثم رئيسا لمجلس نواب اليهود البريطانيين سنة 1837، وهو المنصب الذي ظل يشغله لمدة قاربت أربعين سنة. 

زار مونتفيوري القدس للمرة الأولى في 1827. وساهم بمبالغ مالية هامة في مساعدة اليهود الفقراء بالأرض المقدسة وفي مختلف بقاع العالم، التي كان يسافر إليها رغم كبر سنه، ليدافع عن أبناء ملته من اليهود ويندد بالتمييز العنصري الذي كان يطالهم في العديد من البلدان، وعلى رأسها بلده بريطانيا، مستفيدا من علاقاته القوية مع الملوك والحكام الذين كانوا يكنون له احترامًا كبيرًا. 

دافع موشي عن يهود دمشق الذين كانوا متهمين بجريمة “القتل الديني” لقس مسيحي، وسافر من أجلهم إلى مصر للقاء الخديوي وإطلاق سراح من تبقى منهم ولم يعدم، كما سافر إلى إسطنبول للقاء السلطان عبد المجيد ويطلب منه حماية اليهود المقيمين في تركيا، المتهمين بالجرم نفسه. 

بفضله تم تزويد اليهود الفقراء المقيمين خارج أسوار المدينة المقدسة، بأنظمة للري وبمنازل لائقة وبطاحونة وظروف عيش لائقة. 

ولم يستثن موشي المغرب من زياراته. إذ كان له لقاء مع السلطان محمد الرابع سنة 1864، دائمًا للدفاع عن أبناء جلدته من الممارسات اللاسامية التي كانوا يعانونها في المملكة الشريفة. وتقول العديد من المصادر إنه من أصول مغربية. كما أكد الباحث والمؤرخ المغربي محمد كنبيب أنه يتحدر من عائلة مغربية يهودية من الصويرة، كانت من تجار السلطان قبل أن تنتقل إلى إيطاليا، ثم بعدها إلى بريطانيا. 

وبفضل كل ما قدمه لليهود من مختلف أنحاء العالم، وبفضل مبادراته الإنسانية الكثيرة وأعماله الخيرية الهامة، حملت العديد من المستشفيات والشوارع والمعابد والجامعات والجوائز القيمة اسمه، كما ذكر في العديد من المؤلفات الهامة والأغاني الشهيرة. 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*