مارسيلو بوطبول… أيقونة فنية وإنسانية

ينتمي مارسيلو بوطبول إلى واحدة من أشهر العائلات الفنية اليهودية في المغرب. فهو ابن الموسيقي والفنان الراحل جاكوب بوطبول، الذي كان معروفا بأداء الملحون، وشقيق المغني حاييم بوطبول. وهو عازف الكمان المتفرد والمبدع، في الفرقة التي جمعت بين الشقيقين وأخ ثالث لهما يعزف على الإيقاع، إضافة إلى الوالد، قبل أن ينتقل إلى الدار الأخرى، وهي الفرقة التي تأسست في الخمسينات، وعاشت معها أجيال من المغاربة أوج العطاء الفني ومرحلة زاهرة من تاريخ الأغنية والفن المغربي.

إضافة إلى عزفه الجميل وفنه الراقي الذي ظل يقدمه سنوات طويلة، عرف مارسيلو بوطبول بدماثة أخلاقه وحسه الإنساني العالي الذي يجمع عليه جميع أصدقائه ومعارفه وعائلته، الذين كانوا دائما محل ترحاب بمطعمه الشهير بمدينة طنجة، والذي يحمل اسمه “مارسيلو”، والذي ظل قبلة للفنانين وعشاق الأغنية الطربية الأصيلة، الذين كانوا يقصدونه من كل مدن المغرب، ليستمتعوا بعزفه والأداء الشجي والراقي للمغنين الذين يشتغلون في رحابه.

ولد مارسيلو بوطبول سنة 1945 بمدينة فاس، العاصمة العلمية للمملكة. التحق بفرقة والده في سن صغيرة، قبل أن يرحل إلى مدينة الدار البيضاء، التي اشتغل في العديد من ملاهيها الليلية واستطاع أن يستقطب جمهورا كبيرا من محبي فنه وعزفه، ثم رحل إلى باريس التي أمضى فيها مرحلة لا بأس بها من حياته، كما مر من مونريال الكندية أيضا قبل أن يستقر به المقام بعاصمة البوغاز، طنجة، حيث فتح مطعمه، الذي ظل، لسنوات، قبلة لليهود المغاربة من داخل وخارج أرض الوطن، إلى جانب أبناء عمومتهم من المسلمين.

اشتغل مارسيلو بوطبول مع كبار وعمالقة الأغنية المغربية مثل سليم الهلالي وسامي المغربي وحاييم لوك، إضافة إلى فنانين جزائريين أمثال عبد القادر شاعو، كما ارتبط معهم بعلاقة صداقة طيبة.

كانت لمارسيلو بوطبول تجربة سينمائية أيضا، من خلال الفيلم السينمائي “أوركسترا منتصف الليل” للمخرج المغربي اليهودي جيروم كوهن أوليفار، والذي لعب بطولته إلى جانب الكوميدي المغربي الشهير جاد المالح.

توفي مارسيلو بوطبول اليوم الأربعاء بأحد مستشفيات باريس، بعد إصابته قبل أسابيع بفيروس “كورونا”، ليفقد المغرب برحيله ذاكرة وأيقونة فنية وإنسانية لن تتكرر.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*