يعقوب أبو حصيرة… صاحب الكرامات

هو يعقوب بن مسعود، ووراء لقبه أبو حصيرة قصة غريبة تتناقلها الروايات منذ سنين، بين مصدق لما فيها ومشكك في تفاصيلها. لكن الأكيد أن الرجل عرف في زمانه بأنه صاحب كرامات وتنسب له العديد من المعجزات، مما جعل ضريحه مزارا لليهود من مختلف أنحاء العالم، الذين يعتبرونه رجلا مباركا.

ولد أبو حصيرة بتافيلالت بالجنوب المغربي، وبالضبط في منطقة سجلماسة، ورزازات حاليا، إما في سنة 1805 أو بعدها بسنة، إذ تختلف الروايات التاريخية، على قلتها، حول سنة مولده. 

هو حاخام يهودي مغربي ينتمي إلى عائلة الباز، إحدى أكبر العائلات اليهودية المعروفة في المغرب. وهو الجد الأكبر للحاخام يسرائيل أبو حصيرة، المعروف ب”بابا سالي”، والذي ليس سوى جد الحاخام المغربي ورئيس المحكمة العبرية بالدار البيضاء يوشياهو بينتو، لوالدته. 

لقب الحاخام يعقوب بن مسعود بأبو حصيرة، بعد رحلة عبر سفينة، نحو الأرض المقدسة، غرقت في البحر وكان جميع ركابها، في ما عداه، بعد أن ظل متشبثا بحصيرة قادته عبر التيار إلى بلاد سوريا، وبعدها إلى القدس. ومن هنا جاء لقبه، حسب ما أكدته العديد من الروايات الشفهية. 

وإذا كان أبو حصيرة ولد في المغرب، إلا أن وفاته ستكون مقدرة في أرض مصر، في قرية صغيرة بدمنهور، التي زارها في طريق عودته، لكنه مرض ومات ودفن فيها، ليصبح قبره مزارا لليهود الذين ظلوا يقيمون له “مولدًا” كل سنة، كما صنفته الحكومة المصرية أثرا ثقافيا وإنسانيا، قبل أن يصدر قرار من محاكمها سنة 2014، بوقف الاحتفالات ب”المولد”، والتوقف عن اعتباره معلمة ثقافية أو تاريخية مصرية. 

عرف أبو حصيرة بورعه وتدينه كما عرف بحبه للخير والصدقة، كما كان بيته قبلة للعابرين والمحتاجين الذين لم يكن يقفل أبوابه في وجههم. تحكى عنه العديد من الحكايات العجيبة، التي لا يصدقها العقل، من بينها رواية تناقلتها الأجيال عن تلميذ له سمع صوتا غريبا في غرفته ليلًا، وحين دخل عليه ليعرف صاحب الصوت، شاهد ضوءا ساطعا شديد اللمعان إلى درجة أعمى عينيه، قبل أن يعيد إليهما الحاخام النظر. 

أما أغرب الروايات حول أبو حصيرة، فهي كونه رجلا مسلما اسمه الحاج محمد بن يوسف، وهو عميد عائلة أبو حصيرة الفلسطينية، التي تعيش في غزة، وينتهي نسبه إلى القائد المغربي الأسطوري طارق بن زياد. ويقال أن الحاج استقر به المقام في دمنهور بعد عودته من رحلة حج في الحجاز، تصادفت مع قيام ثورة عرابي في مصر، فحالات الاضطرابات السياسية دون عودته إلى أرضه، فعمل إسكافيا وتوطدت علاقته بثري يهودي كان يشتغل في تجارة القطن، وهي الرواية التي شكك فيها العديد من الباحثين التاريخيين، على اعتبار أن قصة أبو حصيرة المسلم لا تؤهله ليصبح قبره مزارا أو ضريحا. 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*