دافيد بوزاغلو… الحاخام الشاعر

يعتبر دافيد بوزاغلو واحدا من أشهر الحاخامات والفنانين اليهود المغاربة، في المغرب وفي إسرائيل. ولد بنواحي مراكش سنة 1903، حيث تفتقت منذ الصغر موهبته في الإنشاد والغناء،  قبل أن ينتقل رفقة عائلته إلى مدينة الدار البيضاء وعمره لا يتجاوز 16 سنة. وهناك، درس أصول التوراة والديانة اليهودية، لكنه لم يتخل عن دراسة الشعر والغناء. 

بدأ مساره “حزانا”، إلا أن حب الشعر والغناء تغلب على ميوله الدينية، فاشتهر فنانا أكثر من شهرته حاخاما. 

كان ربي دافيد شغوفا بالموسيقى العربية، وبطرب الآلة والموسيقى الأندلسية، كما كان يحب الاستماع للأغاني الطربية المصرية، خاصة أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وأسمهان، كما كان يتفنن في كتابة الشعر بالعربية والعبرية على السواء، فيما يعرف ب”المطروز”، وهو ما جعله من كبار الشعراء والمطربين على النمط المغربي التقليدي. 

كان ربي دافيد يحظى بتبجيل واحترام كبير من اليهود والمسلمين أيضا، الذين كانوا يتوافدون بالعشرات إلى المعابد اليهودية بالدار البيضاء، ليستمعوا إلى صوت بوزاغلو، فقد كان الرجل وحيد عصره متميزا في الشعر والأداء، تعدت شهرته وسمعته الطيبة حدود العاصمة الاقتصادية إلى باقي مدن ومناطق المغرب. 

وإلى جانب إنشاده في المعابد في جميع المناسبات الدينية، إذ كان حافظا لجميع الترانيم الدينية العبرية، كان دافيد بوزاغلو مطلوبا لإحياء الحفلات الخاصة والسهرات والاحتفالات التي كان نجمها بامتياز. 

أسس العديد من الأجواق المكونة من شباب تتلمذ على يديه وتعلم أصول الغناء والموسيقى، وعلى رأسهم حاييم لوك، الموسيقي والحاخام الشهير. 

سنة 1965، سيهاجر ربي دافيد إلى إسرائيل، حيث سيستقبل هناك استقبال الأبطال من اليهود المغاربة الذين كانوا مقيمين قبله هناك. ومنذ وصوله، لم تتوقف الدعوات والحفلات التي دعي لإحيائها في مختلف أنحاء إسرائيل. وبفضله عاد اليهود المغاربة للاعتزاز والافتخار بثقافتهم الموسيقية التي كانت مهمشة في الدولة العبرية حينها، إلى درجة سميت أحياء وشوارع عديدة في إسرائيل باسمه، خاصة في أشدود، حيث استقر عدد كبير من اليهود المغاربة. 

إلى جانب فقدانه بصره، وهو في سن 46 سنة، كانت لوفاة ابنه الأكبر شالوم، أثر كبير على مسار ربي دافيد بوزاغلو، الذي توقف بعد ذلك عن الغناء رفقة أوركسترا، وخصص أكثر وقته للإنشاد الديني، إلى حين وفاته سنة 1975. 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*