تليق قصة موردخاي فعنونو أن تتحول إلى فيلم جاسوسية أمريكي، يمكنه أن يحصل على نسب متابعة مهمة عبر العالم. فالرجل، الذي يعرف أيضا باسم جون كروسمان، يحمل وراءه تاريخا يعتبره البعض “أسود” ويجده البعض الآخر مشرفا، مما خلق الكثير من الجدل حول شخصيته.
ولد فعنونو في 13 أكتوبر 1954 بمدينة مراكش لأسرة يهودية مغربية شديدة التدين، هاجرت المغرب نحو إسرائيل في الستينيات من القرن الماضي، لتستقر بمدينة بئر السبع. كان موردخاي يبلغ حينها من العمر ست سنوات.
التحق موردخاي في شبابه بجيش الدفاع الإسرائيلي. وبعد مسار علمي غير حافل، استطاع أن يشتغل سنة 1977 كتقني بمحطة ديمونة النووية، حيث كانت إسرائيل تعمل في سرية تامة على برنامجها النووي في صحراء النقب.
بعد سنوات من تعميق معرفته ودراسته لمادتي اليورانيوم والبلوتونيوم، الأساسيتين في صنع مفاعل نووي، تمكن من الترقي في عمله وأصبح باستطاعته الاطلاع على أسرار عديدة حول برنامج التسلح النووي الإسرائيلي، التي سيفشيها أمام أنظار العالم، بعد أن أدلى سنة 1986 بمعلومات خطيرة وصور من داخل “ديمونة” إلى جريدة “سانداي تايمز” البريطانية، بعد طرده من عمله إثر شكوك حول توجهه السياسي.
خلال فترة عمله بديمونة، من سنة 1977 إلى سنة 1985، تعرف فعنونو بالعديد من الأصدقاء اليساريين، كما كان يدرس الفلسفة في أوقات فراغه والتحق بالحزب الشيوعي الإسرائيلي وشوهد يخرج في العديد من المظاهرات المساندة للفلسطينيين، مما جعل أجهزة الأمن الإسرائيلية تحذره، قبل أن يفصل نهائيا من عمله ويغادر إسرائيل نحو أستراليا التي استقر فيها فترة، ثم بريطانيا، حيث كان يقيم بعد كشفه تفاصيل البرنامج النووي الإسرائيلي، وحيث التقى بإحدى عميلات الموساد التي كانت فائقة الجمال، وسافر معها إلى روما، حيث ثم اختطافه وإعادته إلى بلده من أجل محاكمته.
اتهم فعنونو بالخيانة والتجسس وإفشاء أسرار الدولة، وحكم ب18 سنة سجنا في 24 مارس 1988، قبل أن يعانق الحرية سنة 2004، لكن بشروط صارمة، منها عدم مغادرة إسرائيل وعدم التحدث إلى شخص أجنبي دون الحصول على إذن من الأمن الإسرائيلي وعدم تغيير مكان إقامته إلا بعد إشعار السلطات بذلك، وعدم المبيت خارج المنزل إلا بعد إخبار الأمن بمدة لا تقل عن 24 ساعة، كما منع من الاقتراب من أي سفارة أجنبية أو معبر حدودي أو مطار، مع إخضاع هاتفه وشبكة الأنترنت التي يستعملها إلى المراقبة، وهي الشروط التي انتهك بعضها مرات عديدة، انتهت بسجنه فترات قصيرة.
قم بكتابة اول تعليق