الشيخة الحامونية هي سيدة العيطة بامتياز. سيدتها بمعنى “الليدي”، بكامل وقارها ورزانتها ورقيها. فهي لم تكن تقبل أن تؤدي أغانيها في الأعراس والدواوير أو أينما اتفق، بل كانت نجمة مجالس أهل السياسة وكبار الشخصيات والمسؤولين في المغرب، والمطلوبة رقم واحد في الحفلات الخاصة والمناسبات الوطنية، بل إنها كانت تترفع حتى عن تسجيل أغانيها وسهراتها على شكل أسطوانات أو أشرطة، إلا في سنواتها الأخيرة.
تميزت الحامونية بصوت طربي شجي وجمال فتان، وعرفت بارتدائها عقد “خيط الروح” على رأسها وجبينها، وهو ما كان يزيدها جمالًا فوق جمالها.
اسمها الحقيقي فاطمة الكوط، ولقبت بالحامونية نسبة إلى دوار حامون حيث رأت النور سنة 1937، بمنطقة الشياظمة، نواحي الصويرة. لكنها ستعرف الشهرة والانتشار بمدينة آسفي، التي هربت إليها من حياتها التعيسة رفقة ابن عمها الذي تزوجته في سن صغيرة بإيعاز من أسرتها، لتتطلق منه بعد سنوات قليلة. وفي آسفي، بدأت أولى خطواتها نحو الشهرة والنجومية.
تتلمذت الحامونية في بداياتها على يد الشيخة عبوش الهداوية التي كان يقام لها ويقعد في مدينة آسفي ونواحيها، والتي علمتها أصول فن العيطة، لكن موهبتها وشخصيتها الفنية المتميزة لن تختمر إلا على يد زوجها عازف الكمان وشيخ العيطة وواحد من روادها في منطقة عبدة، الجيلالي العبوشي الذي كان معروفا باسم الجيلالي الرحماني، والذي كونت معه فرقتها الخاصة التي ظلت معها أكثر من أربعين سنة.
كانت الحامونية تتقن جميع أنواع العيوط، من “الحصباوي” إلى “المرساوي” إلى “براول” الشياظمة التي لم تكن “الشيخات” يقبلن على أداءها لصعوبتها. لقبت بسفيرة موسيقى العيطة، لأنها مثلت هذا النوع الموسيقي الشعبي في مختلف مناطق العالم قبل أن تقرر الاعتزال بعد أداء فريضة الحج ووفاة زوجها ومعلمها الجيلالي، لتوافيها المنية في الثاني من يوليوز 2013، في مدينة الدار البيضاء حيث كانت تعالج في إحدى مستشفياتها، وتدفن في آسفي، المدينة التي عشقتها وآوتها وصنعت اسمها.
قم بكتابة اول تعليق