الفن في زمن الحجر: حفلات غنائية عبر منصات رقمية

طفرة باهرة حققتها التكنولوجيا الحديثة في وسائل الاتصال لا يمكن لأحد إنكارها في كافة مجالات الحياة ، ومع انتشار الجائحة التي تسبب بها فيروس كورونا المستجد الذي أوقف الحياة على اختلاف أطيافها ، كان لا بد للفضاء الفني من استغلال تلك التكنولوجيا خاصة بعد إلغاء الكثير من الحفلات الموسيقية والمهرجانات العالمية ، حيث اتجه عدد من الفنانين لتنظيم حفلات إلكترونية تحاكي تلك التي على خشبة المسرح ولكنها عن بُعد وبحضور عدد من أفراد الفرقة الموسيقية ، أملاً في نشر البهجة والسعادة في نفوس الجماهير وربما تشكيل منفذ لهم في ظل ما فرضه عليهم ذلك الفيروس من التزام جدي بإجراءات صارمة ، كما وجدنا بعض الفنانين يقصدون منصات التواصل الاجتماعي لتحقيق الغرض ذاته.

وبين هذا وذاك تمكنت بعض الأسماء من تسجيل أرقام متابعات قياسية ، لكن في المقابل وجدنا نجومًا تمتلك جماهيرية واسعة لم تُـقبل على تلك الخطوة رغم سهولة متطلباتها ، فهل لبت الحفلات الافتراضية الغرض المطلوب منها في الأزمة الراهنة ، وما الفرق بينها وبين الحفلات المسجلة التي كان من الممكن الاستعاضة بها لتشكل منفذاً للجماهير ؟ وهل جاءت الحفلات الإلكترونية لصالح الجمهور الذى كان يضطر لدفع ثمن تذكرة لحضور الحفلات الحية ؟ أم أن مشاهدة الفنان عن قُـرب على خشبة المسرح والتفاعل معه بشكل مباشر وسط أنغام الفرقة الموسيقية لا يمكن أن يُـعوضه الواقع الافتراضي ؟

في مساحتنا التالية نستطلع آراء بعض المعنيين بهذا الشأن بهدف الوصول لإجابات نستند عليها مستقبلاً ..

تيسير عبدالله : رغم احترافيتهم كانوا بخلاء في طرح الجديد.

الإعلامي والكاتب تيسير عبدالله خص موقع إذاعة صوت الخليج بقوله إن حفلات الأونلاين تحمل تقريباً جودة الأداء ذاتها بالنسبة لبعض المطربين وذلك بسبب احترافيتهم الكبيرة في مثل هذه الحفلات ، لكنهم كانوا بخلاء في طرح الجديد على أمل العودة للحفلات المعتادة، وذكر أنه لاحظ بعض النقاط كعلامة اختلاف بين العادية منها والإلكترونية ، أهمها قلة التكلفة من حيث الفرق الموسيقية المشاركة أونلاين ، حيث اكتفى المطربون بعدد محدود من العازفين ‏مقارنة باستقطاب أعداد ضخمة منهم  في الحفلات الحية ، فضلاً عن قلة تكلفة الديكورات بدلاً من الفخامة التي عادة ما ‏يقوم بعملها منظمو الحفلات الجماهيرية ، وأشار إلى النقطة الأهم المتمثلة بعدم وجود الجمهور بشكل مباشر وهو الوقود الحقيقي للمطرب الذي يتحكم في انفعالاته ، لكن يد الكورونا امتدت إلى هذه الجزئية بالذات ولا توجد حيلة غير ذلك.


وصرح تيسير عبدالله أن النجوم الذين أقاموا حفلات بنظام  الأونلاين هم المطلوبون جماهيرياً ولهم شعبية جارفة ‏في المنطقة ، مضيفاً بأن تلك الحفلات لم تؤثر مادياً على الجمهور الذي قام  فعلياً بدفع تكاليف المشاهدة كونها بُـثت على مواقع  ‏مدفوعة بطريقة أو بأخرى على شكل رسوم اشتراك عبر المواقع التي بثت تلك ‏الحفلات ، حيث أن منظمي ومتعهدي الحفلات لا يمكن أن يفوتهم ذلك فهم في النهاية يريدون ‏الاستفادة المالية من استقطاب نجوم كبار لهم تكلفة مالية عالية ، وختم قائلاً إن النقطة ‏الإيجابية في هذا الموضوع تكمن في إمكانية إيجاد حلول بديلة عن إقامة حفلات حية ، نظراً للتحفظ والقرارات الصارمة الرسمية في كل دول العالم للحضور الجماهيري ، سواءً في عالم الرياضة أو الترفيه أو أي أشكال تجمّعية ، مشيراً إلى اعتقاده بأن الفكرة سوف ‏تستمر في التنفيذ حتى تزول تلك التحذيرات الطبية التي حرمت المطربين والجمهور من إقامة مثل هذه ‏في الحفلات.

عايل : تفاعل الجمهور معي أونلاين ، وقريباً سأقدم حفلاً لتلبية طلباته.

الفنان القطري عايل أشاد لموقع صوت الخليج بفكرة تلك الحفلات في الفترة الراهنة كونها تطبق قواعد التباعد الاجتماعي وبالتالي أصبحت مطلوبة جماهيرياً لأنها تكسر الروتين المرتبط بالجلوس بالمنزل ، كما تحدث عن التفاعل الجماهيري اللافت وأعداد المتابعين سواءً لحفلات الأونلاين أو الحوارات المباشرة التي تقام عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، وأشار إلى اللقاء الذي أطل من خلاله مؤخراً على جمهوره عبر الإنستغرام في ضيافة المحاور والفنان الشعبي الكويتي سعود المزيعل ، والذي كان مليئاً بالأغاني التي قدمها مباشرة على آلة العود وشهد تفاعلاً جماهيرياً لافتاً ، انتهى بتقديم وعد لهم بإحياء حفل أونلاين قريباً نظراً لتوالي الطلبات على الأغاني .

وعن الصعوبات التي قد تواجه إحياء حفل أونلاين ذكر أنها تكمن في تجميع عناصر الفرقة الموسيقية متكاملة ، مشيراً إلى إمكانية إيجاد حلول لها خاصة بعد البدء في تخفيف الإجراءات الاحترازية المتعلقة بفيروس كورونا وقال : قريباً من الممكن أن نجتمع ونقدم للجمهور شيئاً يليق بهم ويفرح قلوبهم ويرفه عنهم ، مؤكداً على ضرورة وجود الفنان بين جماهيره في جميع الظروف .

معين مطرجي : عزوف بعض الفنانين قد يعود إلى قلة متابعيهم .

معين مطرجي صاحب إحدى شركات تعهد الحفلات قال لموقع إذاعة صوت الخليج إن حفلات الأونلاين خففت على المتابعين من حدة حتمية بقائهم في المنزل ومثلت متنفساً لهم للخروج من واقع الحجر الصحي ، لكنها تفتقر إلى الحماس الذي يتمتع به المطرب والجمهور في الحفلات الحية ، كما تطرق إلى الحديث عن الأرقام الخيالية التي تم تسجيلها من قبل بعض النجوم ، وأضاف أن عزوف بعض الفنانين عن تقديم حفلات الأونلاين يعود إلى قلة متابعيهم أو تأثرهم معنوياً بالوضع الذي فرضته علينا إجراءات منع تفشي فيروس كورونا ، خاصة أن الفنان عادة ما يتمتع بأحاسيس مرهفة تتأثر بالواقع المحيط به .

وأضاف مطرجي أنه رغم أن حفلات الإنستغرام واللايف وفرت على الجمهور دفع ثمن تذاكر الحضور، إلا أن الحفلات الحية تتميز بمتعة التواصل المباشر مع الفنان ، مضيفاً أن المطرب ليس له أي منفعة مادية من إقامة الحفلات التي تقام على مواقع التواصل الاجتماعي ، والهدف منها الترفيه وتدعيم التواصل بين الفنان وجمهوره ، خاصة من خلال تلك الدردشات المباشرة والردود على الأسئلة التي يوجهونها إلى فنانهم المفضل.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*