بوجميع… دينامو “الغيوان”

ولد بوجمعة أحكور، المعروف فنيا ببوجميع، سنة 1944 بدرب مولاي الشريف الشهير بالحي المحمدي بمدينة الدار البيضاء، لأسرة فقيرة قدمت من منطقة لمنابهة، نواحي مدينة تارودانت، لكن أصولها تعود إلى وادي درعة بالجنوب المغربي، وتنمي إلى آل دوبلال، الرحل الذين دأبوا على الانتقال من منطقة إلى أخرى، إلى أن استقر بهم الحال سنة 1934 بكريان سنطرال، القلب المقاوم والنابض للعاصمة الاقتصادية آنذاك. 

لم تسمح الظروف المالية والاقتصادية للعائلة، لبوجميع، بإتمام دراسته، رغم أنه وصل إلى مرحلة الرابعة إعدادي، التي كانت تسمى آنذاك ب”البروفي”، واضطر إلى الخروج للعمل في المصانع من أجل مساعدة والده، لكنه كان مواظبًا على قراءة الكتب، ومرافقة المثقفين والكتاب والمقاومين، فكون بنفسه خلفية ثقافية ومعرفية جيدة، خولته إلى فهم واستيعاب العديد من الأحداث التي كان يمور بها مغرب ما كان يعرف بسنوات الرصاص. 

ولم يكن يضاهي حب الكتب عند بوجميع، سوى حب الغناء والشعر والمسرح والتراث. كان الرجل مولعا بالأهازيج الشعبية وفنون “الحلقة” وحلقات الذكر الصوفي التي كان يحضرها صغيرا مع والده، فأثرت في موسيقاه أيما تأثير، كما كان مولعًا ب”الدعدوع”، تلك الآلة الموسيقية الشعبية، التي ظلت ترافقه مثل ظله، إلى آخر أيام حياته. 

بدايات بوجميع كانت من خلال أب الفنون. إذ أسس، في بداية الستينيات، رفقة مجموعة من أصدقائه، من بينهم رفيق دربه عمر السيد، فرقة مسرحية أطلق عليها اسم “رواد الخشبة”، قبل أن يلتحق سنة 1966 بفرقة “المسرح البلدي” التي كان يشرف عليها العبقري الطيب الصديقي، والتي شارك بوجميع في أبرز مسرحياتها مثل “سيدي ياسين في الطريق” و”عبد الرحمان المجدوب” و”الحراز”، لكن حلمه كان تأسيس مجموعة موسيقية مختلفة عن المجموعات التي كانت سائدة حينها. ومن رحم هذه الفكرة، خرجت مجموعة “ناس الغيوان”، التي أطلق عليها بوجميع في البداية اسم “الدراويش الجدد”، الذي لم ينل إعجاب الصديقي، عراب المجموعة، وباقي أعضائها، الذين كان من بينهم حينها محمود السعدي وعبد العزيز الطاهري وعمر السيد والعربي باطما. 

أدى بوجميع، “دينامو” مجموعة “ناس الغيوان” ومؤسسها، رفقة مجموعته، عددا من الروائع التي ستظل خالدة في ذاكرة الجمهور المغربي أجيالا وأجيال، مثل “الصينية” و”فين غادي بيا خويا” و”ما هموني غير الرجال إيلا ضاعو”، وغيرها من الأغاني الثورية التي تردد كثيرا أنها كانت السبب في وفاته “متسمما”، لأنها كانت تزعج النظام، وهي الرواية التي ظلت، إلى اليوم، تحتاج إلى أدلة تؤكدها. 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*