عبد الرحمان باكو… مجذوب الغيوان

لم يكن عبد الرحمان قيروش، المعروف لدى الجمهور المغربي بعبد الرحمان باكو، مجرد عضو ضمن مجموعة “ناس الغيوان”، الأسطورية، بل إنه الفنان الذي صنع انتشارها على نطاق عالمي، والعنصر الذي منحها نفسا جديدا من أجل الاستمرار بنفس التوهج الذي بدأت عليه، بعد وفاة مؤسسها بوجميع. 

ارتبط اسمه بروائع المجموعة مثل “غير خدوني” و”نرجاك أنا” و”زاد الهم” و”النادي أنا”، وغيرها من القطع الموسيقية المشبعة بروح “تاكناويت” وسحر “لملوك”، والتي يزيدها ألقا طريقة عزفه المتفردة على آلة “السنتير” ونوبة “الحال” التي تنتابه على الخشبة، فيدخل أمام الجمهور في “جذبة” لا يمكن أن يخرجه منها إلا صوت الموسيقى معلنًا انتهاء الأغنية، بعد أن يكون قد أدخل معه الجمهور في حالة هستيريا جماعية. 

ولد عبد الرحمان باكو بمدينة الصويرة سنة 1944، حيث امتهن النقش على خشب العرعار الذي كان يصنع منه تحفا فنية جميلة، لكن عشقه لموسيقى “تاكناويت” والعزف على “الهجهوج”، أخذه نحو عوالم “الليلة” و”الحضرة” التي كان نجمها بامتياز، قبل أن تلتقطه عيون مجموعة “جيل جيلالة” في السبعينيات، ليلتحق بها، ثم يشتهر اسمه ويلعلع في سماء النجومية والشهرة بعد انضمامه “التاريخي” سنة 1973 إلى مجموعة “ناس الغيوان” خلفا للعضو السابق مولاي عبد العزيز الطاهري، بعد أن استمع إلى عزفه وغنائه الشجي المرحوم بوجميع وانبهر بموهبته. 

أمضى باكو مع الغيوان أجمل سنين حياته الفنية. كان “لمعلم”، بلا منازع، مثلما كان يلقبه المرحوم العربي باطما، و”طبيب الأشباح”، مثلما سماه الموسيقي العالمي جيمي هندريكس حين استمع إلى عزفه ذات سهرة “هيبية” في غابة “الديابات” بمدينة الرياح، لكنه سيضطر إلى الرحيل عنها سنة 1993، بعد وفاة باطما وخلافه الشهير مع عمر السيد، عضو المجموعة الشهير. 

أسس باكو فرقته الخاصة، لكنه فشل في تحقيق نجاحاته السابقة مع “ناس الغيوان”، فقرر أن يعتزل الغناء والعزف والاعتكاف في منزله بمدينة الصويرة، إلى أن أقعده المرض ورحل عن دنيانا سنة 2012، مخلفًا وراءه تاريخًا موسيقيًا وفنيًا عظيمًا قل أن يجود الزمان بمثله.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*