“الشكوري”… موسيقى التعايش والحنين

ارتبط “الشكوري” (chgouri) باليهود القادمين من الأندلس والذين استوطنوا منطقة شمال إفريقيا، وقد اشتهر كثيرا في المغرب، حيث كان له نجوم وأسماء حملت مشعله إلى اليوم وسلمته إلى الأجيال الصاعدة. 

عرف هذا النوع من الغناء بإيقاعه السريع وموسيقاه الراقصة وكلماته التي لا تخلو من جرأة، والتي تتغنى بالحب والغربة والحنين إلى الزمن الأندلسي الجميل، قبل أن يهجر اليهود ومعهم المسلمون، بعد سقوط غرناطة ومعها الأندلس. 

اقترن “الشكوري” بالعديد من أسماء الفنانين اليهود المغاربيين، أشهرهم مسيكة والشيخ العفريت في تونس وسليم الهلالي في الجزائر، إضافة إلى سامي المغربي وزهرة الفاسية وريموند البيضاوية وبوطبول من المغرب، الذين اشتهروا منذ الخمسينات، قبل أن يبلغ هذا الفن قمة الأوج مع نجوم مثل بينحاس. 

هو غناء شعبي ثائر على قواعد عصره الفنية. أخذ من “الفلامنكو” على مستوى المواويل، ومن “الغرناطي” والملحون وحتى العيطة وكناوة. وكان حاضرا في المناسبات الدينية والأفراح وحفلات الزفاف والعقيقة والختان في المغرب، لدى اليهود والمسلمين على حد سواء، وكان علامة على علاقات التسامح والتعايش والإخاء والمحبة التي جمعت بينهم، بغض النظر عن اختلاف الديانات. 

تغنى “الشكوري” بالغربة والحب والعائلة والمرأة والصبر والوطنية (كنموذج أغنية ألف هنية وهنية التي تم أداؤها أول مرة احتفاء بعودة السلطان محمد الخامس طيب الله ثراه من المنفى، قبل أن تصبح لازمة في جميع الأعراس المغربية). 

تعرض فن “الشكوري” للنسيان منذ رحيل اليهود المغاربة. لكن أجيالا صاعدة من الفنانين حملت مشعله وخلدت تاريخه، من خلال استعادة روائعه مثل “آيلي يا وعدي يا لالة” و”داك الزين المسرار” و”كون عندي لملاين” و”هاد الحبيب غاب عليا” و”هاك آ ماما”، وغيرها من الخالدات.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*