الاحتفال بالعيد الكبير قائم رغم كورونا

 يصر المغاربة على الاحتفال بعيد الأضحى، مهما كانت الظروف والأزمات. وهم، في سبيل “الحولي”، يبذلون الغالي والنفيس. وحتى إذا كانوا “محفحفين”، “يتسلفون” و”يتكلفون”، وقد يسرقون أو يتسولون في الشوارع متخلين عن عزة أنفسهم، وقد يصل بهم الأمر أيضا إلى بيع أثاثهم ومستلزماتهم الضرورية، فقط من أجل عيون “الصردي”، عريس الخرفان.

علاقة المغاربة ب”العيد الكبير” علاقة غريبة عجيبة. إنه مقدس بالنسبة إليهم. ولا يتخيلون أنفسهم “ما معيدينش شي عام”، لأنها الكارثة والطامة الكبرى بالنسبة إليهم، رغم أن العديدين منهم يأكلون اللحم في باقي شهور السنة، ورغم أن “الغنمي” يتسبب لهم في العديد من الأمراض ويزيد حالتهم الصحية سوءا.

الحكومات التي تعاقبت على تسيير شوؤن المغاربة، تعرف أيضا نوعية هذه العلاقة التي تربط بينهم وبين “الحوالة”، لذلك نادرا ما لجأت إلى إلغاء هذه المناسبة الدينية، حتى ولو تعلق الأمر بأكبر أزمة ضربت العالم أجمع، وبوباء ينتشر بسرعة البرق وتتوقف أمام شراسته أعتى اقتصادات الدول. وحتى ونحن لم نتجاوز أزمة “كورونا”، أسعدت الحكومة قلوبنا حين أصرت على أن نحتفل بالعيد، شرط اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة والالتزام بالتدابير الصحية رغم أن العديد من الخبراء والمختصين حذروا من إمكانية الإسهام في انتشار بؤرة “عيدية”، ورغم أن أحزابا أيضا تقدمت بمقترح إلى رئاسة الحكومة من أجل إلغاءه، بسبب تداعيات الجائحة، لكنها لم تجد آذانا صاغية. 

ورغم أن العائدات الأكبر في هذا العيد، تذهب إلى جيوب الفلاحين الكبار و”الشناقة”، ولا يستفيد منها الفلاح البسيط المغلوب على أمره، ورغم أنه (العيد الكبير) يعتبر عند العديد من علماء المسلمين فرض كفاية، إذا قامت به مجموعة سقط عن الباقي، إلا أننا نصر، حكومة ومواطنين، على ضرورة الاحتفال به، حتى ولو كانت ميزانياتنا مثقوبة، وحتى لو فقد عدد كبير منا مورد رزقه، وحتى لو كنا “متبوعين” بالعطلة وبالدخول المدرسي وحده، بل حتى ولو عرضنا أنفسنا للخطر، فلا يمكن إلا أن نكون به محتفلين، ولتذهب كورونا إلى الجحيم.

احتفالات مباركة وكل عيد أضحى ونحن بصحة وسلامة.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*