حكاية فاطنة شعنان، الفنانة التشكيلية المغربية، مفعمة بالأمل، رغم أنها ولدت من رحم معاناة حقيقية. فبعد أن علقت في إسبانيا لمدة تجاوزت الأربعة شهور، رفقة ابنها، بعد إغلاق الحدود خوفا من انتشار جائحة كورونا، واضطرارها إلى تدبر أمورها بما تيسر من مال ومدخرات، بعد أن انتهى المال الذي خصصته من أجل سفريتها القصيرة، حولت هذه المحنة التي مرت بها في هذه الفترة الصعبة إلى عمل فني، ونجحت في إنجاز أزيد من 32 لوحة فنية عرضتها في إسبانيا، وبالضبط في الفندق الذي أقامت فيه طيلة هذه الأشهر الطويلة.
رأى المعرض الفردي لفاطنة شعنان النور في عز جائحة كورونا، وفي بلد الغربة، بمدينة مازاكون، حيث كانت تقيم في أحد فنادقها الذي أعجب مسيرها باللوحات التي كانت ترسمها واقترح عليها عرضها في باحة المؤسسة الفندقية.
رسمت فاطنة شعنان لوحاتها بما كان متوفرا بين أيديها ساعتها. بالبن أحيانا وأحمر الشفاه أو طلاء الأظافر أحيانا أخرى، قبل أن تتمكن من شراء الورق وأقلام الرسم بفضل مساعدة أحد الطباخين بالفندق. إنها تؤمن بأن الفن وسيلة لتفريغ الطاقات وتعرف بأن وراء كل محنة هبة من الله. وإذا كانت كورونا تسببت في مآسي اجتماعية حقيقية، فإنها ساعدت فنانتنا على الإنتاج وفجرت بداخلها بركانا من الأحاسيس والمشاعر الذي أسفر عن إبداع لوحات جميلة.
الفن ساعد فاطنة على تجاوز الأزمة، هي التي كانت بعيدة عن عائلتها وعن أطفالها الآخرين. بفضله استطاعت الخروج من العزلة والإحساس بالفراغ الذي كان يدمر نفسيتها. إنه بالنسبة لها مصدر الإلهام وتعزيز الصمود والأمل.
استلهمت فاطنة شعنان لوحاتها من المحيط والإطلالة على البحر التي كانت توفرها لها شرفة غرفتها بالفندق. فهي كانت عالقة بالأندلس، وبمدينة شاطئية طبيعتها خلابة، وكانت تستمتع يوميا بمنظر الغروب وزرقة مياه البحر ورمال الشاطئ الذهبية، إضافة إلى موسيقى “الفلامنكو” التي كانت تلازمها يوميا، لذلك أطلقت على معرضها الفردي اسم “سمفونية من الحجر الصحي”.
فاطنة شعنان من مواليد الدار البيضاء. شاركت في معارض وملتقيات وإقامات في جميع المدن المغربية تقريبا، ومثلث المغرب عدة مرات في أوربا وكندا، وكان من المتوقع أن تشارك ب”سمبوزيوم” بنيويورك في شهر غشت 2020، لكن تم إلغاؤه بسبب جائحة كورونا.
قم بكتابة اول تعليق