تحرص العائلات المغربية، كل سنة بمناسبة عيد الأضحى، على تخصيص كميات مهمة من لحم الخروف، لتجفيفها، من أجل تحضير ما يعرف ب”القديد”، الذي يتم استعماله على مدار السنة بأكملها، في إعداد العديد من الأطباق المغربية الشهيرة واللذيذة.
ويتم تحضير “القديد” عن طريق تقطيع اللحم إلى مجموعة شرائح رقيقة، يضاف إليها عدد من البهارات والتوابل المعروفة في المغرب، تختلف حسب المناطق، (زيت، كركم، إبزار، زعفران، ملح، زنجبيل، ثوم) قبل أن يتم عرضها تحت أشعة الشمس ونشرها في حبل الغسيل، من أجل أن تجف، لمدة أيام، لا يجب أن تقل عن ثلاثة، مع الحرص على إزالتها مع حلول الليل، وعدم تعريضها للمطر، حتى لا تتلف، ثم يتم تخزينها بعد ذلك في أكياس ووضعها في الثلاجة أو المبرد، لاستعمالها في المناسبات أو مع بعض الأطباق المعينة، منها الكسكس والعدس و”اللوبيا”. كما يتغنى المغاربة ب”القديد” في ليلة عاشوراء التي يحتفلون بها على إيقاع “قديدة قديدة، ملوية على العواد”.
وينفع “القديد” العائلات المغربية، في “اليوم الأسود”، حين تكون الظروف المادية غير مواتية لشراء اللحم، فيتم اللجوء إليه كبديل، لأنه يمنح الأطعمة نكهة خاصة ولذة متميزة. كما كانت الأسر تلجأ إليه قديما للحفاظ على اللحم، خاصة في البوادي والمناطق النائية، حيث لم تكن الكهرباء متوفرة، ولا أجهزة التبريد.
وتوارث المغاربة هذه الوصفة عبر أجيال، إذ كانت الجدات في زمان مضى، يقمن بتخزين اللحم بهذه الطريقة لمدة سنوات. كما عرفته العديد من الثقافات العربية منذ قرون خلت.
ويتحدث خبراء في الصحة عن فوائد عديدة ل”القديد”، الذي يفضلونه على النقانق، من بينها قدرته على الحفاظ على البروتينات والمواد الأساسية، وعلى مد الجسم بالطاقة اللازمة له، خاصة في فترات البرد، كما يعتبر بمثابة مطهر للأمعاء، لكنهم يحذرون من ضرورة الإكثار من الملح في إعداده، خاصة أنه يتوفر على كمية مهمة منه، أو من تعفنه أثناء عملية التحضير.
ويستعمل “القديد” كثيرا في بلدان العالم العربي، من بينها تونس والجزائر، بالطريقة نفسها التي يحضر بها في المغرب.
قم بكتابة اول تعليق