لا تختلف بعض عادات وتقاليد اليهود المغاربة، عن إخوتهم المسلمين. هذا ما يخلص إليه كتاب “العوائد العتيقة اليهودية بالمغرب: من المهد إلى اللحد” لصاحبه إيلي مالكا، الذي استعرض من خلاله مجموعة من الطقوس والأعراف التي توحد اليهود والمسلمين، على حد سواء، على ممارستها بالمغرب، استنادا إلى دراسات قام بها ديسبارمي ودوتي وويستر مارك، الذين عاشوا طويلا بين السكان المغاربة، واهتموا بجميع مظاهر حياتهم، مثلما أكد الكاتب في تقديم كتابه. في ما يلي جانب من هذه الطقوس والعادات ننقلها إليكم بتصرف:
المرأة العاقر:
إذا لم تتمكن المرأة اليهودية من الحمل بعد سنوات من الزواج، يلجأ أهلها إلى بعض الوصفات الشعبية التي قد تساعدها على ذلك، ويحرصون على أن تتناول صباحا، وقبل أي وجبة، شايا به عنبر أو كأس ماء به بعض التوابل.
في أكادير مثلا، تتناول النساء العاجزات عن الإنجاب، نوعا من “اللعوق” يحضرنه بمادة “تاكاوت”، في الوقت الذي تشرب فيه النساء بنواحي مراكش مرقا محضرا بمادة “تايليلوت”.
وتلجأ النساء، يهوديات ومسلمات، إلى الأولياء، إذ يحرصن على زيارة الأضرحة وإيقاد الشموع وإطعام الفقراء، ويطلقن اسم الولي الصالح على الوليد المنتظر، في حال ما إذا “حلّت بهن البركة”، ورزقن بطفل أو طفلة.
الحمل والوحم:
تؤمن اليهوديات، بأن المرأة في فترة الوحم عليها أن تتناول كل ما تشتهيه نفسها، وإذا لم تلب رغبتها وحكّت منطقة من جسدها، ارتسم ذلك على جسد طفلها في المستقبل (ما يعرف عندنا بالتوحيمة). كما تبتعد نساء اليهود أثناء الحمل، عن لقاء أشخاص بشعين أو ذوي عاهات خوفا من أن ينتقل ذلك إلى الجنين، وحتى إذا قدر لهن لقاء مثل هذه النوعية من الأشخاص، يبصقن مباشرة على الأرض تجنبا ل”اللعنة”.
ولمعرفة جنس الجنين، تلجأ اليهوديات إلى قطعة من الورق الأبيض، يبللنها بقطرات من الحليب ويضعنها في النار، فإذا تلون الورق بالأحمر، استنتجن أن الجنين سيكون ولدا، أما إذا بقي على بياضه، فسيكون أنثى. كما يرمين ب”الشبة” في “المجمر”، وباحتراقها تتخذ المادة شكل المولود المنتظر.
“الزرورة”:
تحرص النساء اليهــوديات، بعد ازدياد مولود، على تقــديم التهــاني والهــدايا للأم، التي غــالبا ما تكون على شكــل مبلغ مالي، يسمى في ثقــافتنا “الزرورة”، ويوضع في سرير أو ملابس الرضيع، بعد تقبيله وترديــد عبــارة “تبارك الله” أو “بارك الله فيـه”، لإبعاد الأذى وشر “العين” والحسد عنه.
الختان:
يباشر الختان في اليوم الثامن الموالي لازدياد المولود، حسب الديانة والعادات اليهودية. وتعلق النساء على سرير “النفيسة” جميع أنواع التمائم لحماية المولود من العين والنفس الشريرة. ويلبس المولود الجديد حلة من الحرير في حين ترتدي الأم لباسا مزركشا ومذهبا وتحمل مولودها بين ذراعيها.
وفي فاس، يقام حفل الختان المدعو “ملّة” بعد صلاة الصبح ويحضره أكبر عدد من اليهود لأنه يمثل دخول شخص جديد في الجماعة الدينية، كما أنه نوع من تجديد العهد بين الله وبين الناس. ويؤتى من كنيس اليهود بكرسي عال يدعى “إلياهو” يجلس عليه الشخص المحظوظ الذي سيحمل المولود أثناء الختان، تمثيلا للنبي إيلياء الذي يقال إنه يحضر جميع عمليات الختان.
“الخميسة”:
يؤمن اليهود بالعين الشريرة وباستعمال “الخميسة” للوقاية منها. ومن عاداتهم أيضا مدّ الأصبعين أو اليد المفتوحة بأصابعها الخمسة، للتخلص من “العين”. و”الخميسة” هي تميمة شائعة معروفة اكتست أهميتها الكبرى وقوتها السحرية البالغة من اعتقاد الناس بدورها في الحماية من الأمراض والوساوس والحسد والغيرة.
“الشبة والحرمل”
تستعمل “الشبة والحرمل” لدى اليهود أيضا لإبعاد ما يمكن أن تتسبب فيه “العين” الشريرة من الأمراض والعاهات والمشاكل. وغالبا ما تقوم بعملية “التبخير” بها امرأة كبيرة في السن تحترف الشفاء من السوء، يذهب إليها المريض فتسأله عن اسمي والدته ووالده ثم تأخذ بعض “الشبة” و”الحرمل”، وتمررهما على رأسه مرددة بعض العبارات المعينة، قبل أن ترمي بها في “مجمر”.
قم بكتابة اول تعليق