يعتبر عبد المجيد بوزوبع، أول طبيب أدخل عملية قسطرة القلب إلى المغرب. وقد عرف وسط زملائه بأعماله الخيرية وعطفه على المحتاجين والمغلوبين على أمرهم، الذين كانوا يقصدونه كل صباح بمستشفى ابن سينا بالرباط، حيث يعمل، من أجل طلب مساعدة غالبا ما يلبيها دون تردد، إلى أن لقب بطبيب الفقراء.
بوزوبع، الذي تتلمذت على يده أجيال من خيرة الأطباء الأكفاء في المغرب، هو أيضا واحد من الزعماء السياسيين التقدميين الذين أمضوا سنوات عمرهم في النضال من أجل مغرب الحقوق والديمقراطية، سواء من خلال العمل النقابي داخل صفوف الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، التي انتخب نائبا لكاتبها العام، محمد نوبير الأموي، أو المنظمة الديمقراطية للشغل، التي كان مؤسسها، أو من داخل النقابة الوطنية للصحة، التي كان واحدا من قادتها وكبار مؤسسيها.
ناضل بوزوبع سنوات طويلة في صفوف حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قبل أن ينشق عنه ويؤسس حزب المؤتمر الوطني الاتحادي، الذي شغل لسنوات منصب أمينه العام.
لم يكن بوزوبع، الذي رحل بداية الأسبوع الجاري، عن عمر قارب 74 سنة، بعد صراع طويل مع المرض، يحب الأضواء والشهرة، وكان يفضل الاشتغال في الظل، لكنه كان سياسيا محنكا تميز بمواقف قوية جعلته يحظى بمكانة وتقدير كبيرين لدى كل الفاعلين السياسيين والحزبيين والحقوقيين في البلاد، بغض النظر عن توجهاتهم ومشاربهم السياسية، خاصة بعد تعرضه للاعتقال مرات عديدة بسبب أفكاره السياسية الثورية.
كان البروفيسور بوزوبع، اختصاصي أمراض القلب والشرايين، نموذجا للأخلاق السياسية العالية، وللممارسة النزيهة التي أساسها قيم الديمقراطية والشفافية والمبادئ والإنسانية. وكان لا يخاف في الجهر بمعتقداته لومة لائم.
رأى بوزوبع النور في مدينة فاس، العاصمة العلمية للمملكة، في 14 مارس من سنة 1946، حيث قضى جزءا كبيرا من طفولته وشبابه ودراسته الابتدائية، قبل أن ينتقل بعدها إلى مدينة الدار البيضاء لدراسة الطب، لكنه لم يكتف بالدراسة، التي تخرج منها في أوائل سنوات السبعينات، بل دخل معمعان السياسة والنضال، جاعلا من الحريات والعدالة الاجتماعية، قضيته الأولى، التي أدى ثمنها غاليا إلى أن توقف القلب عن نبضه.
قم بكتابة اول تعليق