تعتبر “البسطيلة” من أشهى وألذ وأشهر الأطباق التقليدية في المطبخ المغربي. تقدم في المناسبات الكبرى والأفراح وللاحتفاء بضيوف خاصين واستثنائيين. ويستعمل في إعدادها عدد من المقادير والمكونات المختلطة بين الحلو والمالح، من بينها العجين (الورقة) والبصل والبقدونس والكزبر والبيض المسلوق والشعرية واللوز، وتحشى بالحمام أو الدجاج أو الديك الرومي، ينضاف إليها السكر الصقيل والقرفة التي تعطيها نكهة مميزة، إضافة إلى السمك وفواكه البحر، وذلك حسب مناطق المغرب، إذ يفضلها الفاسيون بالدجاج أو الحمام، في حين يفضلها أهل الشمال بالمأكولات البحرية. تقدم “البسطيلة” أيضا كطبق تحلية، خاصة لدى أهل فاس الذين يعدونها من خلال الحليب والسكر واللوز وماء الزهر.
تختلف الروايات حول أصل “البسطيلة”، وهي كلمة إسبانية تعني “الفطيرة الصغيرة” أو الكعكة أو الحلوى، بين قائل إن أصولها تعود إلى الأندلس، ووصلت إلى المغرب العربي، عن طريق هجرة الموريين ، وهي الرواية التي يختلف معها كثير من الباحثين المغاربة الذين يؤكدون أن أصل هذا الطبق أمازيغي، وبين من يعتقد أن العكس صحيح، وأن أصولها مغربية انتقلت إلى الأندلس، قبل أن يعود بها الموريون من جديد إلى المغرب، بعد سقوط الأندلس وطردهم. وقد ذكرت في العديد من المصادر البريطانية، التي أكدت أنها عرفت لدى السعديين، واكتسبت في عهدهم مكانتها المميزة. إذ تحدث عنها السفراء الإنجليز ووصفوها بأنها محشوة باللوز المطحون وفراخ الحمام، وقالوا إنها تقدم في المغرب كطبق من المقبلات في حين أنها تتوفر على جميع مكونات الطبق الرئيسي. وهناك مصادر أخرى أشارت إلى أن الطبق عرف في عهد الموحدين وذكر في العديد من كتبهم ومؤلفاتهم الخاصة بفن الطبخ.
وقد أكد العديد من الباحثين الإسبان، بدورهم، أن أصول “البسطيلة” من مدينة فاس، خرجت من القصور المغربية إلى بيوت عامة الناس حيث تطورت إلى أن وصلت إلى العالمية.
ورغم أن “البسطيلة” عرفت أيضا في باقي بلدان المغرب العربي مثل الجزائر، حيث تسمى “الرزيمة”، وفي تونس حيث يطلقون عليها “طاجين ملصوقة”، إلا أنها تظل طبقا مغربيا بامتياز ورمزا من رموز المطبخ المغربي العريق.
قم بكتابة اول تعليق