البيضاء تتحول إلى حانات مفتوح

تحولت البيضاء إلى “بار” مفتوح على الهواء الطلق ومتنقل، أينما ذهبت أو وليت وجهك، التقيت مجموعات سكارى منتشين في الطرقات والشوارع وداخل السيارات، بعد أن أقفلت الحانات أبوابها منذ بداية انتشار وباء “كورونا” قبل شهور، وبعد تطبيق قرار إغلاق المطاعم بالعاصمة الاقتصادية على التاسعة مساء، إثر بلاغ للحكومة صدر مساء الأحد الماضي.

في كل حي تمر به، خاصة بعض الأحياء الشعبية، تتصادف مع جلسة خمرية “على حقها وطريقها”، بين أبناء الحي نفسه أو الأحياء المجاورة. داخل عمارة شبه مهجورة، أو في ركن قصي من الحي، طاولات ممدودة وعليها جميع أنواع “القطعة”، إضافة إلى السجائر والكؤوس و”المونادا”، وتحتها قناني الخمر مخفية عن عيون المارة والمتلصصين، رغم أن عيون الندامى وسلوكاتهم، تفضحهم تماما أمام “العادي والبادي”، وحتى أمام سيارات الأمن، التي تفضل “عين ميكة” على أن تفسد الأجواء، رغم أن الأمر يتعلق ببؤرة “قصايرية” في الشارع العام، يتجمع فيها أكثر من عشرة أشخاص، على الأقل، من أجل تبادل كؤوس الراح الرخيص، والتحرش بكل من سولت لها نفسها المرور من تلك “الحفرة”.

آخرون، فضلوا “البواط المتنقل”. يبدؤون “سهرتهم” في وقت مبكر. يتكدسون داخل سيارة صديق، يكرعون زجاجات وقناني البيرة، ويتجولون في شوارع البيضاء و”كورنيشها”. يتوقفون من أجل شراء سيجارة أو أمام الشاطئ من أجل “استراحة محارب”، قبل أن يستنأنفوا جولتهم من جديد. وحين يبلغ بهم السكر مبلغه، يطلقون صوت الموسيقى عاليا، ويرفعون أصواتهم بالغناء مع الستاتي أو حجيب أو ولد الحوات، مستعملين “الكلاكسون”، من أجل إثارة مزيد من “الأمبيانس” على سهرتهم المبكرة، التي يفترض فيها أن تنتهي في العاشرة مساء، ساعة حظر التجول بالنسبة إلى سكان البيضاء.

لقد لعبت “البارات” و”الكباريهات” البئيسة والحقيرة دورا محوريا من أجل راحة البيضاويين. وهو الدور الذي لم يتبينوا أهميته إلا بعد إقفالها بسبب “كورونا”، فقد كانت ملجأ لجميع أنواع المقهورين والسكارى والمعربدين، الذين اتخذوها ملاذا يفرغون فيه همومهم ومشاكلهم، مقابل مبالغ زهيدة، ليعودوا إلى بيوتهم خالين من  كل حقد، ويناموا قريري العين، في انتظار صباح جديد يستقبلونه بالروتين اليومي نفسه ولسان حالهم يردد مع المغني “زيد جوج يا مول الروج زيد جوج، خليوني نسكر على حسابها”.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*