رويشة… ملك الوترة

ولد محمد رويشة، واسمه الحقيقي محمد الهواري، سنة 1950 بمدينة مريرت بقلب الأطلس المتوسط لأسرة أمازيغية متواضعة، اضطرتها ظروف الحياة للانتقال إلى مدينة خنيفرة، حيث شب رويشة وترعرع طفلا. عشق الغناء منذ نعومة الأظافر، وكان متأثرا بالفنان الأمازيغي الكبير حمو اليزيد، وهو ما جعله يتوقف عن الدراسة من مستوى الابتدائي ليتفرغ للفن والعزف والموسيقى، خاصة أن ظروفه الأسرية لم تكن تسمح له باستئناف دراسته إلى مستويات متقدمة.

عرف بصوته الشجي الذي تتخلله نبرة حزن واضحة، تجعل القلوب تتحرك لسماعه. كما تميز بأداءه الجميل على آلة الوترة، المعروفة في الموسيقى الأمازيغية، كما اشتهر بالمزج بين اللون الشعبي الأمازيغي وألوان محلية أخرى ووطنية، إضافة إلى الغناء باللغتين العربية والأمازيغية، ليصبح في ظرف سنوات رائدا من رواد الفن المغربي لا يشق له غبار.

في بداية الستينات، تقدم للعمل في القسم الأمازيغي للإذاعة الوطنية بالرباط، وفي سنة 1964، سجل رويشة أول شريط غنائي له في الدار البيضاء، ليصبح بعدها نجم الأعراس والحفلات والسهرات الغنائية، خاصة لدى النخبة الأمازيغية التي كانت تقيم بين العاصمتين الاقتصادية والإدارية.

وقف رويشة للمرة الأولى على المسرح ليغني أمام الجمهور سنة 1980. كان ذلك في مسرح محمد الخامس، بعد أن سجل العديد من الشرائط الموسيقية وبدأت أغانيه بالأمازيغية والعربية تلقى انتشارا كبيرا، مثل “شحال من ليلة وعذاب” و”إناس إناس” التي ما زالت تحقق شهرة كبيرة إلى اليوم ويطلبها الجمهور ويعيد أداءها العديد من المغنين المعاصرين، إضافة إلى أغاني أخرى مثل “شحال من ليلة وليلة” و”أيورينو” و”الحبيبة بيني وبينك دارو الحدود” و”مالك هكذا آ ليام”، أغلبها يتغنى بالحب والهيام وبظلم الزمن وقسوة الحياة.

كان رويشة مولوعا أيضا بالأغاني الصوفية والتراث الديني، وقد كانت له مشاركات مميزة في العديد من مهرجانات الإنشاد الديني سواء داخل المغرب أو خارجه. غنى رويشة أيضا عن الغربة والفراق والمعاناة والموت، وظل، إلى أن وافته المنية في يناير سنة 2012، وفيا لتواضعه وهدوءه وبساطته وخجله وقلة كلامه وآلته، هو الذي حقق نجومية غير مسبوقة.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*