ثقافة الكفاءة أمر ضروري من أجل تحول القارة باستخدام التكنولوجيا

كريستيل ديمون – مسؤولة عن التسويق والعمليات، في مايكروسوفت الشرق الأوسط – إفريقيا – الأسواق  الناشئة

يمكن القول بأن جائحة كوفيد 19 قد لعبت دورا رائدا في عقلنة الانتقال إلى عالم رقمي أكثر.  فأكثر من أي وقت مضى، شهدنا تغيرات سريعة ليس فقط في مجال التعليم، وإنما أيضا في عدد من الصناعات، حيث انتقل التطور المستمر للكفاءات من النفع إلى الضرورة.

إذ قدّر تقرير صادر عن مؤسسة مكينسي غلوبال، بأن حوالي 800 مليون فردا ينبغي أن يكتسبوا كفاءات جديدة من أجل الاضطلاع بمهامهم على أكمل وجه في أفق 2030. ويُبرِز هذا التقدير المرتبط بمستنتجاتنا الأخيرة التي وفقها، في أفق 2025، سترتفع قدرة التشغيل الرقمي بـ 149 مليون منصبا، بشكل واضح بأنه لا يكفي القيام باستثمارات مخصصة أو التحلي بقدر من الوعي الشديد لتنمية الكفاءات. فمن الضروري لبقاء القارة ومسار التحول الرقمي زرع ثقافة مستمرة للكفاءات.

ففي مايكروسوفت، وفي إطار مهمتنا التي تهدف إلى تمكين كل منظمة وكل فرد من تحقيق أرباح أكثر، التزمنا منذ وقت طويل بسد ثغرة الكفاءات والفرص، وذلك عن طريق مساعدة كل فرد، خصوصا أولئك الذين بقيت التكنولوجيا بعيدة المنال عنهم أو ظلوا غائبين عنها، على اكتساب الكفاءات، والمعارف وإمكانية النجاح في الاقتصاد الرقمي. 

بالنسبة لنا، فإن بلورة ثقافة الكفاءة تتضمن باستمرار جس نبض بيئة تتطور بسرعة وتتميز بكونها دينامكية، بهدف ضمان، ليس فقط، استثمارات على المدى البعيد، وشراكات استراتيجية والولوج إلى الموارد والرابطية، وإنما أيضا الوعي الشديد بالابتكارات التي تحدث في الأساس، من خلال دعم الحلول التي ستساعد على التصدي للمشاكل السوسيو-اقتصادية.

الشراكات

لقد كنا دائما جد واعين بأنه لتحقيق التغيير الظاهر والأثر العميق المرجوّ في المجتمعات التي يتعذر الوصول إليها، لا يمكننا العمل بمفردنا. فقد لعب كل من تحديد الشراكات الاستراتيجية وتنميتها مع الهيئات والمنظمات دورا حاسما في تكثيف جهودنا واستثمار الحاجيات الخاصة، في الوقت الذي لا يمكن القيام بذلك في الوقت العادي. فالشراكات مثل تلك التي أبرمناها مع البنك الإفريقي للتنمية و Coding for Employment  قد تم تصميمها بهدف تمكين شباب القارة جميعا من اكتساب الكفاءات الضرورية للحصول على فرص الشغل في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال، وفي خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصال. كل ذلك، مع هدف على المدى البعيد يتمثل في تحسين كفاءات 50 مليون شاب. ويتمثل الهدف الآخر من هذه الشراكة في خلق 25 مليون منصب شغل في القطاعات التي تسهم في الناتج الداخلي الخام، مثل الزراعة وتكنولوجيا المعلومات والاتصال.

كما تنبغي الإشارة إلى أن برنامجنا للكفاءات الرقمية الذي مكّن، منذ سنة 2017، حوالي 4,8 مليون شابا يعانون من شح الخدمات في اكتساب الكفاءات في إفريقيا، وبالتالي جعل نصف مليون شابا قابلين للتوظيف وشجع التشغيل المباشر لأزيد من 27.000 شابا عن طريق منح 2.680 منهم إمكانية للتدريب والسماح لأزيد من 1.500 مقاولا مستقبليا بخلق مقاولتهم الخاصة.

منخرطون على المدى البعيد

لا يمكن خلق ثقافة الكفاءات إلا من خلال خلق ترابط على المدى البعيد. فبالنسبة لنا، إفريقيا كانت ولا تزال بوتقة للفرص والابتكارات وينبغي تغذية مؤهلاتها. وبهدف إثبات التزامنا في هذا الصدد، قمنا بإطلاق المركز الأول للتنمية الإفريقية (ADC) لمايكروسوفت، مع موقعين أوليين في نيروبي، بكينيا، وفي لاغوس، بنيجيريا. وبفضل الاستثمار في البنيات التحتية للمركز وتوظيف المهندسين المحليين المؤهلين، نتوقع أن تبلغ الاستثمارات على موقعي مركز التنمية الإفريقية ADC إجمالي 100 مليون دولارا أمريكيا خلال الخمس سنوات الأولى من عملهما. ويتمثل هدفنا الحالي في الحصول على أزيد من 500 مهندس في الموقعين خلال السنوات الخمس الأولى من عملهما.

المستوى الأساسي

ارتكب مجموعة من المستثمرين الجدد خطأ من خلال التركيز فقط على حاجيات الشركات الكبرى باعتبارها حافزا للتغيير خلال الثروة الصناعية الرابعة. إلا أنه في الواقع، الابتكارات والإسهامات اللامسبوقة ناتجة عن أصحاب المقاولات الصغرى على مستوى القارة بأسرها، الذين لكي يتطوروا ويتركوا بصمتهم، يحتاجون للاستثمارات والولوج. إننا نعمل منذ وقت طويل مع الشركات الناشئة بهدف تحسين الكفاءات وإعادة إنعاشها. عن طريق شركتنا الناشئة المحورية، قمنا بخلق أكثر من 78 شراكة مع الحكومات، والمسرعات، ومرافق الاحتضان، والجهات المانحة، ومحطات الطاقة الشمسية من أجل خلق أنظمة إيكولوجية لدعم شامل بالنسبة للشركات الناشئة في المغرب، ونيجيريا وكينيا في مجالات التكنولوجية المالية والصحة، والتعليم والتكنولوجيا الزراعية. كما عملنا مع وكالات حكومية من أجل تقديم تكوين بيداغوجي حول التعليم في المعلوميات بهدف ضمان تبني بيداغوجية تراعي النوع داخل المدارس.

الولوج للموارد

سيكون من العبث التقدم في التحول الرقمي دون منح الولوج للتكنولوجيات والموارد الضرورية بالنسبة لأولئك الذين لا يستطيعون، لولا ذلك، الانطلاق في هذه الرحلة مع الاستعانة بالدعم والتسهيل الكافيين.  ومن هذه الزاوية ولمواجهة الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كوفيد 19، قمنا مؤخرا بالإعلان عن مبادرة دولية جديدة في مجال الكفاءات الهادفة إلى توفير كفاءات رقمية أكثر لـفائدة 25 مليون شخصا في العالم مع نهاية هذه السنة. إن توسيع الولوج للكفاءات الرقمية لهو مرحلة مهمة من أجل تسريع الانتعاش الاقتصادي، خصوصا بالنسبة للأشخاص الأكثر تضررا جرّاء فقدان مناصب الشغل.

وتتضمن المبادرة في مجال الكفاءات تدابير فورية تهدف لمساعدة أولئك الذين يبحثون عن إعادة تكوين أنفسهم وإيجاد منصب شغل حسب الطلب. فهي تضم كافة عناصر المقاولة، مع الجمع بين الموارد المتوفرة والجديدة على لينكد إن LinkedIn، جيت هوب GitHub ومايكروسوفت. كل ذلك يشمل: استخدام المعطيات من أجل تحديد مناصب الشغل المبحوث عنها والكفاءات الضرورية لشغلها، والولوج الحر لمسارات التعلم والمحتوى بهدف مساعدة الأشخاص على تطوير الكفاءات التي تتطلبها هذه المناصب، وكذا الاعتمادات المنخفضة التكلفة وأدوات البحث المجانية عن مناصب الشغل وذلك بهدف مساعدة الأشخاص على تطوير هذه الكفاءات في إيجاد مناصب شغل جديدة.

على الرغم من أنه قد تم إنجاز الكثير بهدف تحسين الكفاءات وتعزيزها في العالم أجمع لمواجهة جائحة كوفيد 19، فإن ضرورة تمكين الولوج لهذه الكفاءات، من خلال توفير الكفاءات الملائمة، تجلّت منذ وقت معين. وعلى الرغم من أنه تم تسليط الضوء عليها مؤخرا، فمن المهم بالتأكيد أن نستمر في تعزيز هذه “الثقافة”، وذلك حتى إن وقعت أحداث غير متوقعة من جديد، سنكون مستعدين للانتقال والتجاوز.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*