ولد الجيلالي الغرباوي سنة 1930 بمدينة سيدي قاسم. عاش طفولة صعبة بعد وفاة والديه، إذ ذاق مرارة اليتم وهو في سن صغيرة لم تكن تتجاوز العاشرة، ليتم إدخاله ملجأ للأطفال ليواجه مصيره وحيدا، لكنه تمكن رغم ذلك من الدراسة إلى أن وصل مرحلة التعليم الثانوي التي قضاها في فاس، حيث التقاه الكاتب أحمد الصفريوي، الذي كان مديرا لمدرسة الفنون الجميلة في الرباط، وبفضله تمكن من الحصول على منحة دراسية خولت له الالتحاق بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بباريس، التي قضى فيها أربع سنوات توجت بالتخرج، ليكون بذلك أول مغربي خريج لهذه المدرسة الفرنسية الراقية، قبل أن يحصل على منحة أخرى من الحكومة الإيطالية لدراسة الفن سنة 1956.
تميزت لوحات الجيلالي الغرباوي بنزعة تجريدية ألهمت العديد من الفنانين الذين جاؤوا بعده، كما لم تكن تخلو من تخبطات قلقة لريشته، سببها حالته النفسية التي لم تكن على ما يرام، إلى درجة أنه التجأ إلى دير كاهن مسيحي لطلب العزلة والسكينة، وهو المكان الذي ألهمه الكثير من أعماله الفنية، لكنه، في الوقت نفسه، كان رائد الحداثة في مجال الفن التشكيلي في المغرب، ووالدها الشرعي، مثلما كان أول فنان تشكيلي يرسم لوحة تجريدية في تاريخ الرسم في المغرب.
عاصر الغرباوي كبار الفنانين وكان على صداقة معهم. من بينهم الشاعر والرسام هنري ميشو وجون دوبوفيي وهار تونغ، إضافة إلى سولاج الذي أثر في طريقته كثيرا.
حين عاد الغرباوي في بداية الستينات للإقامة في المغرب، اختار النزول في فندق “صومعة حسان” بالرباط، لكنه، بعد 11 سنة من استقراره بالعاصمة الإدارية للمملكة، سيعيد جمع حقيبته ويقصد مدينته باريس التي سيصلها في العام 1971، وهو العام نفسه الذي سيسلم فيه الروح بعد أن وجد ميتا على مقعد عمومي في عاصمة الأنوار، على بعد ساعات من افتتاح معرضه الشخصي في باريس، وسنه لم يكن يتجاوز 41 سنة.
مات الجيلالي الغرباوي فقيرا. لكن لوحاته أصبحت تباع بأسعار خيالية في المزادات العلنية، وتنافس لوحات كبار الفنانين العالميين.
قم بكتابة اول تعليق