ولد الفنان حمادي التونسي، الذي غادرنا قبل أيام إلى دار البقاء بعد معاناة مع المرض، سنة 1934 بمدينة فاس. وهو واحد من المبدعين المغاربة الذين قدموا أعمالا متميزة في مجالات عديدة، سواء في التمثيل أو في الإذاعة أو في مجال الزجل وكتابة الكلمات. ولعل رائعة “يا الغادي فالتوموبيل” للموسيقار المغربي عبد الوهاب الدكالي، التي كتبها بنفسه، لخير شاهد على موهبة الراحل.
دخل حمادي التونسي مجال الفن والتمثيل بمحض الصدفة حين غاب ممثل بإحدى الفرق المسرحية التي كان يرافقها في طفولته، فأدى الدور بدله. وظل يشارك مع الفرقة في العديد من الأعمال التي قدمتها، ومنها “مالك والخيانة” التي أدتها على خشبة المسرح الملكي، وذلك رغم معارضة والده.
بدأ حمادي التونسي، الذي كان معروفا بين أصدقاءه وخلانه بالتواضع ورقي الأخلاق والطيبة، مساره الفني سنة 1954 بعد انضمامه إلى فرقة الراديو والتلفزيون المغربي. شارك في أول أعماله المسرحية سنة 1957 بعنوان “ثمن الحرية” قبل أن يلتحق بعد ذلك بفرقة المعمورة المسرحية الشهيرة سنة 1959، والتي تعتبر أول فرقة مسرحية تأسست في المغرب، وكانت تضم كبار الفنانين المسرحيين في تلك الفترة، ثم يبدأ اسمه في البروز من خلال مشاركته في العديد من الأدوار على مستوى الدراما التلفزيونية والسينما. ولعل من أشهر أفلامه السينمائية “فين ماشي يا موشي” للمخرج حسن بنجلون.
تعامل حمادي التونسي أيضا مع كبار المطربين المغاربة، مثل بهيجة إدريس واسماعيل أحمد والمعطي بلقاسم وعبد الواحد التطواني، إضافة إلى عبد الهادي بلخياط، الذي كتب له أغنية “ما فيك خير يا قلبي”، وأغنى الخزانة الفنية وريبيرتوار الأغنية المغربية بما لا يقل عن 152 أغنية.
ورغم أنه أعطى الكثير للفن المغربي، إلا أنه لم ينل حقه من الشهرة والانتشار والعرفان، ففضل أن يعيش في الظل في سنواته الأخيرة، بعد أن هجرته الأدوار ونبذه المخرجون، ولم يتم التفكير في اسمه ولو مرة وحيدة من أجل تكريمه.
توارى حمادي التونسي إلى الوراء، إلى أن قرر الذهاب تاركا المجال فارغا لأشباه الفنانين ومنعدمي الموهبة، يعيثون فيه فسادا.
قم بكتابة اول تعليق