ميمون الوجدي… الفنان الشامخ

حلت قبل أيام الذكرى الثانية لوفاة نجم الراي المغربي ميمون الوجدي، الذي غادرنا في الثالث من نونبر من سنة 2018، عن سن 65 سنة، بعد رحلة طويلة وقاسية مع مرض السرطان.

اسمه الحقيقي ميمون بكوش. وهو من مواليد 1953، بمدينة وجدة بالمنطقة الشرقية للمغرب، لذلك لقب بالوجدي. وهو واحد من أشهر وأكبر نجوم أغنية الراي بالمغرب، وقد انتشر اسمه في الجارة الجزائر، معقل فن الراي، وأعاد أداء أغانيه فنانون كبار تأثروا بفنه وأسلوبه المتفرد، من بينهم ملك الراي الشاب خالد.

أصدر ميمون الوجدي أول ألبوماته في بداية الثمانينات، وكان تحت عنوان “النار كدات”، لكن نجمه لن يسطع إلا بعده بحوالي سنتين، حين أطلق أغنيته الشهيرة “تشطن خاطري” سنة 1984 ضمن ألبوم ناجح جدا تضمن أيضا رائعته واسعة الانتشار “أنا ما نوليش”، ليرسخ اسمه ضمن الكبار، بعد أن تجاوزت مبيعات الألبوم، في تلك الفترة، أرقاما قياسية داخل وخارج المغرب.

تميزت أغاني ميمون الوجدي بكلماتها الراقية والعميقة، التي كان صوته الشجي يضفي عليها طابعا خاصا واستثنائيا غير متوفر عند باقي الفنانين. ربما لأنه كان فنانا مثقفا وقارئا نهما للكتب.

كان الراحل أيضا من الفنانين الذين يحبون التجديد. أغانيه لم تكن تشبه بعضها ولا ألبوماته. وكان، بعد سنوات، من الغياب، يفاجئ جمهوره والمتتبعين بجديد فني مختلف تماما، يتفوق فيه ليس فقط على الباقين، بل على نفسه أيضا. ولعل أغاني مثل “سولوه” و”آش بكاك يا نوارة”، لخير دليل على تميز وتجدد مشواره الفني الذي تجاوز الثلاثين سنة من الإبداع والعطاء.

غنى ميمون الوجدي للحب والحزن والفراق والعذاب والهجرة. لكنه غنى أيضا للوطن ومن أجل لحمة واتحاد شعوب المغرب العربي، الذي ظل مهووسا بقضيته إلى آخر سنين حياته. لم يأخذ ميمون الوجدي حقه مثلما يجب. ومثله مثل الكثيرين، عانى التهميش ومرض في صمت وتوفي في صمت وعنفوان، حريصا على أن لا يمد يده أو يشتكي ضيق الحال، إلى أن وافته المنية شامخا مثل أغانيه

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*