إسحاق الفاسي… الحاخام الذي أحيا دراسة التلمود

يعتبر إسحاق الفاسي من بين أبرز الأسماء اليهودية التي بصمت تاريخ اليهود في المغرب. ورغم أنه ولد بالقرب من قلعة بني حماد بالجزائر سنة 1013، والتي كانت عاصمة الحماديين الصنهاجيين، الذين حكموا المغرب الأقصى، إلا أنه عاش معظم حياته بالعاصمة العلمية للمغرب التي ارتبط لقبه بها.

هو واحد من كبار الحاخامات اليهود المغاربة وواحد من كبار مفكريهم، الذي جالس السلاطين وكان محط تقدير واحترام لديهم ولدى العلماء، هو الذي قضى أكثر من أربعين سنة في كتابة مؤلفه “سفر ها هلخوت” باللغة العبرية، وهو المؤلف المختص في أدبيات ما يعرف لدى اليهود ب”الهالاخاه” (مجمل القوانين والإرشادات الدينية في الشريعة اليهودية). كما كتب العديد من الكتب والأسفار والمؤلفات التي وضعها المؤرخون في مقام أعمال الفيلسوف اليهودي موسى ابن ميمون ويوسف كارو، مؤلف أكبر كتاب في القانون اليهودي الذي ما يزال معتمدا إلى اليوم.

درس إسحاق الفاسي، الذي توفي سنة 1103 بإليوسانا في قرطبة، بالقيروان في تونس، على يد معلمين وأحبار يهود كبار، على رأسهم نسيم بن جاكوب وهنانيل بن هوشييل، قبل أن يعود إلى المغرب وتحتضنه الطائفة اليهودية بفاس، وتدعمه ماديا من أجل التفرغ للكتابة والعلم.

اضطر إسحاق الفاسي إلى الفرار من المغرب سنة 1088، بسبب وشاية من أحد الحاقدين إلى حاكم مدينة فاس، قاصدا الأندلس، حيث تقلد هناك العديد من المناصب الدينية الكبرى، إذ أصبح زعيم الطائفة اليهودية في اليسانة (إحدى بلديات قرطبة) كما أسس فيها مدرسة دينية سنة 1089، وخلف الفيلسوف الشاعر موسى بن عزرا في منصب حبر غرناطة، كما ساهم في إحياء دراسة التلمود في الأندلس بعد تأسيسه أكاديمية تلمودية وكان له الفضل في التكوين الديني للعديد من مشاهير يهود الأندلس، من بينهم الشاعر المعروف يهوذا اللاوي، الذي كان واحدا من تلاميذه، إضافة إلى يوسف بن ميغاش الذي نقل علمه إلى ميمون بن يوسف وابنه موسى وجودا هاليفي، وكلهم من كبار العلماء اليهود.

وتكريما لذكراه، أسست الطائفة اليهودية بفاس مدرسة دينية (يشيفا) تستقطب العديد من الطلبة اليهود من مختلف أنحاء المملكة.   

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*