دوناش بن لبراط… أعظم شعراء زمانه

ولد دوناش بن لبراط بمدينة فاس بالمغرب سنة 920 لعائلة أمازيغية، وتوفي بقرطبة بالأندلس سنة 990. وهو نحوي وحاخام وشاعر اعتبره المؤرخون أعظم شعراء زمانه، فإلى جانب موهبته في النظم، كان أول من أدخل أوزان الشعر العربي إلى اللغة العبرية، واعتبر من الشعراء المجددين.

تتلمذ بن لبراط، الذي تلقى تكوينا يهوديا عربيا، على يد الحاخام اليهودي المصري سعيد الفيومي، الشهير ب”سعدية”، الذي التقاه في بغداد، (تعود أصول عائلته إلى العراق) قبل أن يعود إلى فاس ثم يسافر بعدها إلى قرطبة بطلب من زعيم الطائفة اليهودية في الأندلس حسداي بن شفروط، الذي أراده أن يشتغل تحت إمرته، بعد ما سمعه عنه من نباهة وعلم وذكاء وإلمام بالثقافات.

كتب بن لبراط العديد من المؤلفات التي فند فيها العديد من نظريات الشعراء واللغويين والنحويين اليهود، من بينهم مناحيم بن سروق، الذي كان السكرتير الخاص لبن شفروط، والذي انتقد كتابه حول العلاقة النحوية بين اللغتين العربية والعبرية، كما انتقد معلمه نفسه سعيد الفيومي. وكانت بينهم العديد من النقاشات والجدل الأدبي الذي أدى إلى بروز العصر الذهبي للثقافة اليهودية في الأندلس وظهور مدرستين لسانيتين متنافستين.

تعرض بن لبراط لانتقادات وهجمات منتظمة من طرف تلاميذ منافسه بن سروق، الذين، رغم إعجابهم بأسلوبه المجدد، اعتبروه متبجحا، تعامل مع معلمهم ومع باقي العلماء اليهود في الأندلس بتحقير وازدراء، لكن محاولاتهم لتبخيس مجهوداته، باءت بالفشل، نظرا لتفوق بن لبراط، الذي لم يكلف نفسه عناء الرد عليهم، وكلّف بذلك تلميذه يهودي بن شيشيت، الذي كان يتميز بأسلوبه المفحم الساخر، والذي عززه بدلائل وبراهين أملاها عليه معلمه.

ورغم أن بعض الروايات تحدثت عن أن قصائد دوناش كانت من وحي إبداع وخيال زوجته التي كانت تتمتع بموهبة فريدة، يعتبر المؤرخون بن لبراط مؤسس الشعر الأندلسي بالعبرية. وأدرجت بعض قصائده في القداس اليهودي وفي الأعراس اليهودية، كما له العديد من القصائد التي يتغنى بها اليهود بمناسبة “شاباط”، رغم أن العديد من أشعاره تعرضت للإهمال والنسيان مع مرور الزمن والسنوات.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*