يعتبر المخرج محمد إسماعيل، الذي غادرنا إلى دار البقاء ليلة السبت الماضي، عن سن ناهز 70 سنة، بعد صراع طويل مع المرض، واحدا من أبرز المخرجين المغاربة الذين أغنوا الساحة الفنية بأعمال وأفلام ستظل شاهدة على إبداعهم، ومن بينها “وداعا أمهات” الذي صور فيه وحكى عن هجرة اليهود المغاربة في بدايات الستينات إلى أرض إسرائيل، من خلال حكايات وقصص واقعية وإنسانية لأسر يهودية ومسلمة عاشت في تلك الفترة.
في جعبة إسماعيل، الذي كان يكتب السيناريو أيضا ويقوم بالإنتاج إدارة وتنفيذا، العديد من الأعمال الناجحة، سواء في السينما أو التلفزيون، على رأسها “وبعد” و”أوشتام” و”الزمان العاكر” و”أمواج البر” و”هنا وهناك” و”إحباط” و”علال القلدة”، الذي يعتبر من أقوى وأشهر أفلامه في التلفزيون، والذي كان من بطولة النجم المغربي رشيد الوالي. وقد اختيرت أعماله للمشاركة في مهرجانات وطنية ودولية ومثلت المغرب خير تمثيل، وحصلت على جوائز في عدة مهرجانات منها على الخصوص جائزة أحسن سيناريو في مهرجان الفيلم المستقل ببروكسل عن فيلمه “هنا وهناك”، وجائزة “النجمة الذهبية” لأفضل فيلم تلفزيوني عن فيلم “علال القلدة”، وجائزة الإخراج في المهرجان الدولي للتلفزيون بالقاهرة.
ولد محمد إسماعيل في مدينة تطوان سنة 1951. درس الحقوق والقانون في جامعة الرباط قبل أن يعمل في التلفزيون المغربي الذي دخله سنة 1974.
لم يكن إسماعيل يحب المواضيع السطحية، بل تناولت أعماله قضايا آنية شكلت دائما هاجسا مجتمعيا، مثل الهجرة السرية والبطالة والعنف بين الأزواج وغيرها من القضايا ذات الحمولة النفسية والاجتماعية والإنسانية الكبرى. وهب محمد إسماعيل حياته للسينما والفن. ولم يكن من المخرجين الذين اغتنوا من المجال أو جعلوه طريقا من أجل الثراء، فقد كان يستدين من أجل إنجاز أفلامه، مما جعله يعيش في سنواته الأخيرة ضائقة مالية بعد أن تراكمت عليه الديون وخسر كل ما يملك لكنه لم يتمكن من إخراج فيلمه الروائي الطويل الأخير إلى الوجود، تحت عنوان “لامورا”، بعد أن تأخر وصول الدعم من المركز السينمائي وتخلي جهات كثيرة عن وعودها التي قدمتها له، دون أن تفي بها.
قم بكتابة اول تعليق