الحمداوية… رحيل أيقونة الفن الشعبي في المغرب

تعتبر الحمداوية، التي رحلت عن عالمنا قبل أيام، عن سن يتجاوز التسعين سنة، واحدة من أيقونات الفن الشعبي في بلادنا. قدمت على مدى مسارها الفني الطويل، الذي بدأ في نهاية الخمسينات من القرن الماضي، مجموعة من الأغاني التي بصمت ذاكرة الجمهور وأغنت الخزانة الفنية الغنائية في بلادنا، من أشهرها “هزو بينا لعلام” و”الكاس حلو” و”دابا يجي يا الكبيدة” و”منين أنا ومنين نتا” و”ماما حياني” و”آش جا يدير”وغيرها من الروائع التي يتغنى بها المغاربة في أعراسهم ومناسباتهم.

كانت الحمداوية، أو الحاجة، مثلما يلقبها جمهورها ومقربوها، مثالا للفنانة الشعبية العصرية. فقد كانت مختلفة عن زميلاتها في تلك الفترة من الزمن الجميل، سواء على مستوى اللباس أو على مستوى الإيقاعات أو من ناحية اختيار الأغاني التي تميزت بجرأة كبيرة في تلك المرحلة.

بدأت الحمداوية مشوارها الفني وهي لم تتجاوز 19 سنة. كانت الانطلاقة من المسرح مع فرقة بوشعيب البيضاوي الشهيرة، قبل أن يكتشف الأخير خامتها الصوتية المتميزة ويوجهها نحو الغناء، ليذيع صيتها، في ظرف سنوات قليلة، داخل المملكة المغربية وخارجها، حيث اشتغلت في أشهر الملاهي الليلية في فرنسا، إضافة إلى كباريهات المغرب، وأشهرها “كوك دور” لليهودي الجزائري عاشق المغرب سليم الهلالي. 

وكانت الحجاجية الحمداوية، (اسمها الحقيقي) التي ولدت بمدينة الدار البيضاء سنة 1930، من الفنانات المقربات إلى القصر الملكي. وحظيت دائما بعطف الملك الراحل المغفور له الحسن الثاني، خاصة في إحدى مراحل حياتها، حيث عرفت الفقر والحاجة، هي التي كانت نجمة الأعراس والأفراح والسهرات الخاصة التي ينظمها الملوك والأمراء وعلية القوم. وقد أشار جلالة الملك محمد السادس، في برقية التعزية التي بعثها إلى أسرة الراخلة، إلى هذه العلاقة حين قال جلالته “وإننا إذ نشاطركم مشاعركم إزاء هذا الرزء الذي ألم بأسرتكم وبالساحة الفنية الوطنية ككل، لنستحضر، بكل تقدير، ما كانت تكنه الراحلة الكبيرة من صادق مشاعر المحبة والولاء للعرش العلوي المجيد، وما ظلت تتحلى به من خصال الوطنيات الغيورات، حيث لم تتوان، أكرم الله مثواها، في توظيف فن العيطة، مبكرا، سلاحا لمقاومة الاستعمار، وتجسيد تعلقها المتين بثوابت الأمة ومقدساتها”.


قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*