شاركت شخصيات معروفة ورفيعة المستوى من النخبة المغربية بالدار البيضاء، من بينهم أعضاء السلطة ودبلوماسيين ورجال أعمال وجامعيين ورجال دين، في حدث استثنائي لدى كبير الحاخامات في المغرب، الحاخام يوشياهو بينتو شليتا، الذي أبرز العلاقة الوطيدة التي تجمع اليهود والمغاربة.
وَوُثّقت لحظات تاريخية مؤخرا في بيت الحاخام الأكبر للمغرب في الدار البيضاء، خلال تجمّع لشخصيات وأعضاء من النخبة المغربية، الذين جاءوا للحصول على مباركة الحكيم اليهودي.
وتضم مدينة الدار البيضاء، الواقعة على ساحل المحيط الأطلسي، أكبر ميناء في البلاد، حيث يوجد الملاح اليهودي القديم والمقبرة اليهودية. وتضم كذلك أكبر طائفة يهودية في البلاد اليوم.
منذ حوالي سنتين، أسس بها الحاخام الكبير يوشياهو بينتو شليتا مدرسة دينية توسّعت مع مرور الزمن. ويعمل بعض من تلاميذها اليوم كجزارين حسب الطقوس اليهودية، يخشون الله ويوفرون اللحم الكشروت لجميع البلاد.
وقد خلقت أعمال الحاخام الكبير لصالح يهود البلاد والمغرب بصفة عامة تقديسا لاسم الله (كيدوش هاشم بالعبرية)، إذ أراد بعض أعضاء النخبة في الدار البيضاء أن يحصلوا على مباركة الحاخام ويستمعوا لأقواله التي تفيض حكمة.
وخلال هذا اللقاء المنظم في بيت الحاخام، أبرز العلاقة الوثيقة التي تجمع يهود المغرب بالسكان المحليين.
وتجدر الإشارة إلى أنه منذ أسبوع، قام الحاخام بينتو بزيارة استثنائية إلى مدينة فاس، المعروفة في التاريخ اليهودي للمغرب بأنها مدينة إقامة الرمبام المحترم والمقدّر من طرف يهود ومسلمي المدينة، والذي يذكر اسمه كذلك من طرف مؤسسي الجامعة المسلمة الكبرى، جامعة القرويين بفاس، التي تحتل مكانة خاصة في العالم الإسلامي بصفة عامة وفي شمال إفريقيا بصفة خاصة.
وتعتبر مدينة فاس العاصمة الروحية للمغرب، حيث يقطن القادة الروحيون للإسلام، على رأس أهم مؤسسة إسلامية في العالم الإسلامي. وهم الذين أرادوا زيارة حاخام المغرب، الحاخام الكبير يوشياهو بينتو.
وحكى هؤلاء الرجال أنهم سمعوا كثيرا عن عائلة بينتو وعن أجداد الحاخام، كونها عائلة يهودية مغربية مرموقة، كما عبروا عن شعورهم إثر لقاء الحاخام. وفي ذروة هذه الزيارة، نُظمت لقاءات جد خاصة مع الحاخام ورئيس جامعة القرويين، السيد أمال جلال، والسيد محمد الديوان، نائب رئيس الجامعة، وممثل جهة وولاية فاس، وكذا شخصيات أخرى شاركت في هذه الزيارة.
وقام الإعلام المسلم بالتغطية الإعلامية لهذا الحدث، حيث أشاروا إلى أن هذا اللقاء تم مع مدراء جامعة كبرى تضم أكبر مكتبة إسلامية في العالم الإسلامي، وأن هذه الشخصيات المهمة في الديانة الإسلامية شرفت الحاخام الذي يمثل حكمة اليهودية.
وفي خضم هذا اللقاء مع قادة النخبة في مدينة الدار البيضاء، تطرق الحاخام إلى مركزية هذه الفترة بالنسبة لليهود، إذ ذكر لضيوفه هذه الفترة الخاصة من “حساب عمر”، ثم ختم قائلا “نريد أن نتقدم ببعض الكلمات لأصدقائنا هنا في المغرب. لقد سكنت لمدة طويلة في إسرائيل، ثم لمدة عشرين سنة في أمريكا، وعملت كثيرا. طائفتنا كبيرة ومباركة، ولها العديد من الإنجازات في تاريخها. واليوم هي طائفة يهودية قوية من منظور الهالاخوت، في طريقة البحث وفي نظرتها اليهودية للحياة، التي تدخل في إطار أهم حركة لليهود السفارديم، والتي يمكن مقارنتها بأكبر الطوائف الأشكنازية. إنها طريق التعمق في أعمال الخير ودراسة التوراة ومساعدة الغير، وطريق متبعة من طرف الأشخاص المنفتحين والمشاركين في الطائفة في مختلف مجالاتها.
في الفصح الماضي، وزعت طائفتنا حول العالم أكثر من 5 ملايين دولار صدقة للمحتاجين. وفي فترة رمضان هذه، نحضّر كذلك جمعا للتبرعات لصالح إخواننا المسلمين. لا يمكن أن نمارس التمييز بالاعطاء لليهود فقط دون المسلمين، فنحن نعيش في نفس المكان، ونحضّر نفس جمع التبرعات للمسلمين.
ونقول لكل أصدقائنا الأعزاء في المغرب: لقد كنتم أرض ترحيب رحيمة ومتعاطفة لليهود لمدة 2400 عام. وهذه فرصة لنا الآن، نحن اليهود، للتعبير عن امتناننا طيلة هذه السنوات التي بينتم فيها عن كرمكم.
عندما كنت صغيرا، كان عندي في إسرائيل مكعب روبيك ملوّن، هدفه توحيد ألوان كل واجهة من المكعب. لقد مرت الآن سنتين في المغرب ونحن نحاول التحكم في المكعب… لكي يتواجد كل لون في إحدى أوجه المكعب. نحن نعرف قدرات الطائفة، وننظر إلى احتياجات المغرب، وننتظر أن نتمكن من استعمال المكعب بأحسن طريقة ممكنة.
نتوفر على مدارس دينية في العالم بأسره، في لوس أنجلوس وميامي ولاس فيغاس وباريس وإسرائيل ونيو يورك وبروكلين وكوينز وأمريكا اللاتينية، ولكن هنا في المغرب، هناك شيء مميز. أدعو الله لكي يصل كل سكان هذا البلد إلى مستويات عالية ويحصلوا على رضا الله.
أدعو الله من أعماق قلبي أن يرى التوراة التي أدرس، وكل الصعوبات الصحية التي أعيشها، وكل أعمال الخير التي أقوم بها، وأسأل الله أن يستجيب لمطالب كل واحد منا، ويرزق الخير لنا كلنا.
أشعر أن قلبي مليء بالخير هنا في المغرب، إذ ينبثق الخير من الناس، فهذا البلد أرض خير. اللهم بارك في جلالة الملك محمد السادس، رجل مثقف ورجل خير.
قم بكتابة اول تعليق