سبيلا… انطفاء شمعة من شموع الفكر وفلسفة التنوير

تغلب فيروس “كورونا” اللعين على الباحث والمفكر المغربي الكبير محمد سبيلا، ليرحل عنا بداية الأسبوع المقبل، معلنا انطفاء شمعة من شموع الفكر وفلسفة التنوير في المملكة.

تعود أصول سبيلا إلى منطقة “المداكرة”، لكنه ازداد بمدينة الدار البيضاء سنة 1942، والتحق في طفولته، مثل أقرانه في تلك الفترة، بتجربة الكتاب أو “المسيد”، قبل أن يلج التعليم العمومي في المرحلة الابتدائية، ثم يتوجه إلى التعليم الحر المعرب، نزولا عند رغبة والده، الذي كان متشبعا بالروح الوطنية وشعارات حركة المقاومة ضد المستعمر ولغته، بحكم انخراطه في مرحلة مبكرة بحزب الاستقلال الذي شكل واحدا من أهم أقطابه.   

تابع سبيلا دراسته الجامعية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، قبل أن يغادرها نحو جامعة السوربون بباريس لاستكمال تعليمه، حيث حصل على الإجازة في الفلسفة سنة 1967، ثم على دبلوم الدراسات العليا سنة 1974 ثم دكتوراه الدولة من كلية الآداب بالرباط سنة 1992.

بدأ وعيه السياسي يتشكل منذ طفولته، قبل أن ينخرط في مرحلة الثانوي بالعديد من التنظيمات السياسية والحركية، مثل وداديات التلاميذ ثم الشبيبة الاستقلالية وبعدها الشبيبة الاتحادية. ومثل أبناء جيله، كان متشبعا بالأفكار الاشتراكية والماركسية والقومية العربية، ثم بقضايا الحداثة التي شكلت همه وهاجسه الأساسي في أغلب كتاباته، منذ “مدارات الحداثة” الذي كتبه في 1987، مرورا ب”المغرب في مواجهة الحداثة” سنة 1999، وصولا إلى مؤلفه “الحداثة وما بعد الحداثة”، الذي أصدره سنة 2001.

أشرف سبيلا على ترجمة العديد من الكتب والمؤلفات والنصوص الفلسفية والفكرية، كما ساهم في تعزيز التعليم المدرسي والجامعي بكتب عديدة، كما كان عرابا للعديد من الباحثين وتتلمذ على يديه العديد من المفكرين بالمغرب، مما جعل من الفقيد واحدا من رواد الحداثة الفكرية في المغرب والعالم العربي.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*