جاك دريدا واحد من أكثر الفلاسفة إثارة للجدل بسبب أفكاره وكتاباته التي يصعب جدا فهمها أو فك شيفراتها، حتى على أعتى المتخصصين، وهو ما جعل الآراء حوله تختلف بين من كان يصفه بأنه دجال كاذب، وبين كونه فيلسوفا عظيما من أعظم الفلاسفة الذين أنجبهم القرن العشرون.
ولد دريدا سنة 1930 بالجزائر، لأسرة يهودية. لم يتمكن من متابعة دراسته الثانوية بسبب سياسة سلطات “فيشي” الفرنسية، الموالية للنازية والمعادية للسامية، التي جعلته يتفادى الذهاب إلى المدرسة خوفا على حياته، خاصة بعدما تعرض للطرد بسبب أصوله اليهودية، ورفضه الالتحاق بمدرسة يهودية شكلها المطرودون مثله، فهاجر إلى فرنسا وهو في سن التاسعة عشرة، حيث تابع دراسته وحصل على شهادة “الماجستير” في الفلسفة، قبل أن يلتحق بجامعة “هارفارد” في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث درس لمدة سنة بعد حصوله على منحة دراسية.
بدأ جاك دريدا حياته المهنية مدرسا للغتين الإنكليزية والفرنسية لأطفال الجنود بين عامي 1957 و1959، بدل الخدمة الإلزامية العسكرية، قبل أن يعين أستاذا للفلسفة في جامعة “السوربون”، ثم أستاذا في المدرسة العليا الطبيعية. كان أيضا من المؤسسين للكلية الدولية للفلسفة وعين أستاذا للإنسانيات في جامعة كاليفورنيا إرفين، حيث ظل يشتغل بها من سنة 1983 إلى وفاته سنة 2004، بعد معاناة مع سرطان البنكرياس.
تأثر دريدا بفلسفة جون جاك روسو ونيتشه وألبير كامو، وكان معنيا بالعديد من القضايا الشائكة مثل المعرفة واللغة والوجود والزمن والأدب والجمال والدين والسياسة والأخلاق.
نشر أول كتبه بعنوان “بداية الهندسة”، ثم أتبعه بمجموعة مقالات هامة نشرها في العديد من المجلات المتخصصة قبل أن يتضمنها كتابيه “في علم الكتابة” و”الكتابة والاختلاف”، لتتوالى أعماله بعد ذلك، والتي صنعت منه شخصية مشهورة ومثيرة للجدل، لعل أهمها “قرع الناقوس” و”خارطة الطريق من سقراط إلى فرويد وغيرهم” و”الصوت والظاهرة” الذي يعتبر أحب كتبه إلى قلبه.
كان حلم جاك دريدا، أن يكون لاعب كرة قدم محترف مشهور، لكن القدر هيأ له أن يصبح فيلسوفا وناقدا أدبيا استثنائيا.
قم بكتابة اول تعليق