سليمة مراد… اليهودية التي صنعت اسم ناظم الغزالي

تعتبر الفنانة سليمة مراد قمة من قمم الغناء العراقي. كانت من أوائل المطربات العربيات اللواتي غنين في عاصمة النور باريس كما كانت من الأوليات اللواتي اعتمدت أصواتهن في الإذاعة وقدمن العديد من الحفلات الغنائية في ثلاثينات القرن الماضي، إضافة إلى أنها كانت تملك صالونا أدبيا في منزلها تستضيف فيه كبار الشخصيات السياسية والأدبية والفنية، إضافة إلى الشعراء، إلى درجة أنها كانت أول امرأة منحت لقب “باشا”، بكل ما يعنيه من وقار وتبجيل وتقدير داخل مجتمع ذكوري آنذاك، كما لقبوها ب”مطربة العراق الأولى” وب”صوت بغداد”.

ولدت سليمة مراد سنة 1905 بالعاصمة بغداد لعائلة يهودية. وتشبعت منذ صغر سنها بالمقامات العراقية والطرب العربي، كما تعرفت على كبار الفنانين والملحنين والشعراء العراق الذين فتحوا لها أبواب الإبداع والشهرة على مصراعيه، من بينهم الأخوان صالح وداوود الكويتي، الموسيقيان اليهوديان اللذان قدما لها أجمل أغانيها، والتي أدخلت حينذاك الأغنية العراقية ضمن الموسيقى الحديثة، إلى جانب الشاعر عبد الكريم العلاف، الذي كتب لها أشهر أعمالها مثل “صخر جلمود” و”على شواطئ دجلة مر”.

تزوجت في الخمسينات بالمطرب العراقي الشهير ناظم الغزالي، الذي كان مسلما من غير ديانتها، كما كان أصغر منها سنا، لكن الحب جمع بين قلبيهما في حفلة لإحدى العائلات البغدادية، قررا بعدها الارتباط رسميا، حيث ساهمت سليمة في صنع أسطورة ناظم الغزالي، الذي كان يعيد أداء أغانيها بحكم أنها سبقته إلى الميدان. أحيا الاثنان العديد من أنجح حفلاتهما للجمهور العربي في باريس ولندن وغيرها من العواصم العالمية، إلى حين وفاة ناظم، التي شكلت صدمة كبيرة لها وكانت بداية انتكاستها الفنية، خاصة بعد اتهامها بقتله، لولا أن أثبتت بالدلائل براءتها.

رفضت سليمة مراد أن تهاجر بلادها نحو إسرائيل، رغم أن العراق أسقطت جنسيتها على جميع يهودها. استمرت في الغناء إلى آخر سنوات عمرها، وانكبت في آخر أيامها على إدارة الملهى الليلي الذي فتحته بشراكة مع زوجها، إلى حين وفاتها سنة 1974، ودفنها بمقابر المسلمين، إلى جانب ناظم الغزالي. 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*