“ماحيا”… “التيكيلا” المغربية

“الماحيا”، ومعناها “ماء الحياة”، مشروب مغربي بامتياز. اختص في صناعته اليهود المغاربة منذ قديم الزمان، بطريقة تقليدية تقوم على تقطير التمر أو التين، المعروفة بالمغرب باسم “الشريحة”، أو “الكرموس”. وقد استعملها المغاربة، المسلمين منهم واليهود، للعلاج من عدة أمراض، من بينها الزكام والسعال.

“الماحيا” شراب يشبه “البراندي”، أو بالأحرى، مثل “التيكيلا” المكسيكية، التي تشرب على دفعات في كؤوس صغيرة مخصصة لذلك، ودون خلطها مع سائل آخر. كما يمكن مزجها، مع مشروبات أخرى مثل عصير الرمان أو الزنجبيل أو ماء الورد، أو استعمالها كمشروب أساسي لصنع “كوكتيلات”. يمكن تناولها أيضا من أجل الهضم، بعد وجبة دسمة.

“الماحيا” ليست صناعة تحويلية متطورة تنتج في المصانع المخصصة لذلك. بل هي صناعة منزلية تقليدية، يتعاطاها اليهود المغاربة منذ قرون، وكانت تباع في “الملاحات” المنتشرة بعدد من المدن، بطريقة سرية. تعتمد في صنعها وتقطيرها على المهارة والإبداع، قبل كل شيء، إضافة إلى أدوات بسيطة، إذ تقوم صناعة المشروب على قاعدة أساسية هي تخمير التين تحت أرض رطبة لمدة ثلاثة أسابيع على الأقل، أو وضعه في برميل مع إضافة الخميرة التي تستعمل في عجين الخبز، في انتظار تحلل المنتوج ليسهل تعصيره. وتتطلب العملية من 8 إلى 10 كيلوغرامات من التين وكيلوغراما من السكر و4 لترات من الماء وكوبا من “الأنيس” (أو اليانسون). وهناك من يضع التين في “الكوكوت” ويتركه ينضج على نار هادئة لمدة قد تطول أو تقصر حسب نوعية التين وجودته.

يعتقد الكثيرون أن “الماحيا” هي شراب مسكر خاص فقط بالفئات الهشة والمحرومة، التي لا تملك الإمكانيات المادية لشراء الكحول الراقي وغالي الثمن، لذلك لقبوها ب”ويسكي الفقراء”، إذ لا يتجاوز اللتر منها مبلغ 20 درهما، وغالبا ما تخلط بمواد سامة لتقوية مفعولها، إلا أن “الماحيا” المغربية الأصيلة، غالية الثمن، وتتوفر فيها شروط جودة عالية ويصل ثمن القنينة الواحدة منها إلى 400 درهما، وليس من السهل التوفر عليها أو إيجادها، اللهم لدى بعض الباعة اليهود، الذين أصبحت أعدادهم لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*