“تنغير جيروزاليم”… ذاكرة التعايش بين اليهود والمسلمين في المغرب

أثار فيلم “تنغير جيروزاليم… أصداء الملاح”، لمخرجه المغربي ذي الجنسية الفرنسية كمال هشكار، ضجة كبرى منذ بداية عرضه أول مرة في المهرجانات المغربية، ثم على شاشة القناة الثانية، التي اتهمها التيار المحافظ بموالاة الصهيونية، وهي التهمة التي التصقت بالمخرج أيضا، رغم أن العمل يحكي جزءا مهما من تاريخ اليهود في المملكة المغربية، حيث استقروا منذ آلاف السنين، وتعايشوا مع المسلمين والمسيحيين وجميع الديانات التي سادت في تلك الفترات. 

يعود الفيلم، إلى سنوات الخمسينات، وبدايات هجرة اليهود المغاربة نحو أرض الميعاد. وقد اختار المخرج مدينة تنغير بالضبط لنقل أحداث وكواليس هذه الهجرة، أو هذا الاقتلاع الذي تعرض له اليهود من أراضيهم، ومن وسط جيرانهم المسلمين، ليجدوا أنفسهم، في بلد لا يعرفون عنه شيئا، وكل ما بحوزتهم ثقافتهم المغربية وعاداتهم وتقاليدهم وأغانيهم وصورة ملكهم المغفور له السلطان محمد الخامس. 

وحاول الفيلم، من خلال الأحداث التي رسمها المخرج، إظهار حجم التسامح والاحترام الذي كان متبادلا بين اليهود والمسلمين في المغرب، وكيف كانوا يتعايشون رغم اختلاف دياناتهم، في تلك القرية الأمازيغية الصغيرة الواقعة جنوب المغرب، التي اسمها تنغير. كما وثق المخرج، في رحلته الإبداعية، لهذا التسامح والحب الذي كان سائدا آنذاك، من خلال شهادات حية لسكان المنطقة، من بينهم حلاقون وأصحاب دكاكين إضافة إلى فئات أخرى من الأهالي، تحدثوا عن حنينهم إلى ذلك الزمن الجميل، وحكوا قصصا إنسانية جمعتهم مع أصدقائهم وجيرانهم اليهود. 

الرحلة التي قادت هشكار إلى تنغير، قادته أيضا إلى إسرائيل، حيث استقى شهادات يهود مغاربة، تحدثوا عن حياتهم سابقا في المغرب قبل الهجرة إلى أرض الميعاد، وكيف تغيرت علاقتهم مع المسلمين بين تلك الفترة واليوم. 

يشار إلى أن كمال هشكار، ولد بمدينة تنغير سنة 1977، وعاش بفرنسا منذ أن كان عمره 6 أشهر. درس مادة التاريخ بإحدى الجامعات الفرنسية وحصل على الماجستير في تاريخ العصور الوسطى في العالم الإسلامي من جامعة السوربون العريقة، قبل أن يعمل مدرسا للثانوي. وهو يتحدث العبرية بطلاقة.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*