مولاي إدريس زرهون…. المدينة المغربية المقدسة

مدينة مولاي إدريس زرهون من بين المدن الصغيرة في المملكة، حجما ومساحة، لكنها من أكبرها رمزية وتاريخها. فهي عاصمة أول دولة إسلامية في المغرب وإفريقيا تم تأسيسها في استقلالية تامة عن الخلافة الإسلامية في المشرق. سميت كذلك نسبة إلى السلطان مولاي إدريس الأكبر، مؤسس الدولة الإدريسية. 

هي مدينة جبلية تقع قرب مدينة مكناس، وهي تابعة إداريا لجهة فاس مكناس، ومجاورة لمدينة وليلى الأثرية، كما تحتضن ضريح مؤسس الدولة المغربية الإدريسية، إلا أنها، ورغم موقعها الجغرافي المتميز وتاريخها الهام والحافل، تظل واحدة من المدن التي طالها التهميش والنسيان لسنين طويلة. 

تعيش المدينة، من عائدات موسم مولاي إدريس، الراقد هناك منذ 12 قرنا، والذي يحج إليه المريدون سنويا من كل بقاع المملكة، والذي يسمح لمولاي إدريس زرهون بانتعاشة اقتصادية عابرة، قبل أن تعود من جديد إلى روتينها القاتل، ومطاحن زيتونها التي تشغل عددا قليلا فقط من أبناء المنطقة، وبشكل مؤقت. 

تستمد المدينة، التي بنيت سنة 788 ميلادية، قداستها من مولاي إدريس الأول، سليل النبي محمد، الذي لجأ إليها فارا من بغداد ليؤسس في نهاية القرن الثامن الميلادي أول سلالة مسلمة في المغرب، ويجعل من مولاي إدريس زرهون عاصمة دولته الإسلامية. 

هي بمثابة مزار يقصده زوار ضريح المولى إدريس الأكبر، فيحولونه إلى زاوية كبيرة تنبعث منها رائحة العود والبخور والمسك والعنبر، ويذكر فيها اسم النبي صباح مساء، حتى يخال للزائر أن الزمن رجع به قرونا إلى الوراء. 

لا توجد بنايات عالية أو حديثة في مولاي إدريس زرهون، فقد حافظت المدينة على عتاقتها وأصالتها، بل حتى الفنادق بمفهومها العصري، غير متوفرة فيها، اللهم بعض دور الضيافة أو المنازل التي يكتريها أصحابها للزوار المارين عليها. 

ظلت المدينة إلى حدود سنة 1917، مدينة ممنوعة على غير المسلمين، فهي تحتضن الضريح المقدس لمؤسسها ووليها، الذي يتربع فوق تلة تطل على المدينة والمناطق المجاورة لها، قبل أن يصبح مسموحا للسياح بزيارتها، رغم أنها ليست مؤهلة سياحيا أو اقتصاديا لذلك. 

تتحول المدينة في موسم مولاي إدريس إلى مكة صغيرة. فالزوار القادمون من مختلف أنحاء المغرب، يحملون معهم شتى أنواع الهدايا والأضحيات والأثواب الخضراء التي تكسى بها قبة الضريح، يلتمسون البركة والعفو. 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*